Wednesday, January 12, 2011

الاله كريشنا يتوعد الملحدين ويبين لنا دلائل وجوده واعماله

البعرة تنازع عليها الف بعير دعونا نرى هذا البعير عفوا الرب ماذا يقول لعلنا نصل (قارنوا بين هذا الرب ورب الاديان الاخرى ترى عجب)


البهاغافاد غيتا الكتاب المقدس للهندوس وتسمى بـ أنشودَة المولى


تعالوا نبحر فيها لنرى رب الارباب واحسن الخالقين ماذا يقول


الطبائع الإلهية


قال الرب المبارك:
1 التحرّر من الخوف، نقاوة القلب، الثبات في المعرفة واليوغا، سماحة النفس، الاتزان الذاتي، تقديم التضحيات، دراسة الفيدا، التقشف، الاستقامة؛


اللاعنف، الحقيقة، التحرّر من الغضب، التنسك، الصفاء، الابتعاد عن إظهار الخطاء، التعاطف مع كل الكائنات، الامتناع عن الرغبات الجشعة، الملاطفة، الاعتدال، الثبات والعزم.


2 الحيوية، التسامح، الجَلَد، الطهارة، الإرادة الحسنة، عدم الغرور والكبرياء - هذه هي كنوز مَن وُلد من أجل الجنة.


3 الخداع، العجرفة، الغرور والاعتداد بالنفس، الغضب والخشونة والجهل - هذه صفات مَن وُلد من أجل جهنم.


4 إن فضائل الجنة هي من أجل التحرّر ولكن خطايا جهنم هي قيود الذات. لا تحزن يا أرْجونا، لأن الجنة هي مثواك الأخير.


5 هناك نوعان من الكائنات في هذا العالم، الإلهي والشيطاني. لقد شرحت لك مطولاً عن الإلهي، اسمع الآن عن الشيطاني.

6 من لهم طبيعةٌ شيطانية لا يعرفون ما عليهم أن يفعلوا وما عليهم أن لا يفعلوا. قلوبهم خالية من الطهارة ومن السلوك الحسن ومن الحقيقة.
7
هم يقولون: "هذا العالم يخلو من الحقيقية، ليس فيه أسس أخلاقية، لا وجود لله، ولا نظام للخليقة، وما الولادة إلا نتيجة للشهوة."


8 متعلقون بهذا الاعتقاد، أصحاب الأرواح الميتة والذكاء المحدود، ملتزمون بأعمال الشر؛ إنهم أعداء هذا العالم الرائع، ويعملون من أجل دماره.


9 هم يعذبون ذاتهم برغباتٍ نهمة، وممتلئون خِداعاً وعجرفةً وغروراً، يتّبعون بتهور أفكارهم المظلمة، ويستمرون في عملهم الدنيء.


10 لذلك هم مرتبطون باهتمامات لا تعدّ وتدوم طويلاً، طوال حياتهم حتى الممات. هدفهم الأعلى هو المتعة الحسّية، وهم يعتقدون أن هذا هو كل شيء.


11 إنهم مقيّدون بمئات الآمال الفارغة. الغضب والشهوة هي ملاذهم، ويجاهدون بطرق ملتوية لتجميع الثروة من أجل رغباتهم الملحة.


12 يتفاخرون بالقول: "لقد ربحت اليوم ذلك، وسوف أنال تلك الرغبة أيضاً، هذه الثروة لي، وتلك أيضا يجب أن أمتلكها."


13 "لقد تغلبتُ على ذلك العدو، وسأتغلب على آخرين أيضاً، أنا السيد، أتمتع بالحياة، أنا ناجح وقوي وسعيد."


14 "أنا ثري ومن عائلة نبيلة، من هو مثلي؟ علي أن أدفع من أجل الفرائض الدينية، علي أن أعطي التبرعات، علي أن أمتّع نفسي." يقولون ذلك في ظلمة ضلالهم.


15 مضلّلون بعدة أفكار مغلوطة، يقعون في شباك الوهم، مقيّدون لملذّات الطمع، يهوون في نار جهنم.


16 في غطرستهم وتفاخرهم، يثملون بغرور ثروتهم، يقدمون التضحيات الخاطئة للتفاخر، مخالفةً للقانون الإلهي.


17 في قيود أنانيتهم وتكبّرهم، وقيود مخالفاتهم وغضبهم وتشوّقهم، أولئك الحاقدون يكرهونني[1] في أجسادهم وفي الآخرين.


18 هؤلاء المتوحشون والأشرار، هم أنذال البشر، نفوسهم هي الكراهية. وفي الحلقات الواسعة للحياة والموت أغرقهم دوماً بعمق في أرحام الأزورس[2].


19 يعودون ويولدون في حياة متدنية، في الظلمة، ولادة بعد ولادة، لا يأتون إليّ يا أرْجونا، ولكنهم ينزلون إلى طريق جهنم.


20 هناك ثلاث بوابات لجهنم وهي: بوابة الشهوة وبوابة الغيظ وبوابة الجشع. فليتجنب الإنسان هذه البوابات الثلاثة.


21 عندما يتحرّر الإنسان من هذه البوابات الثلاثة للظلمة، يفعل ما هو مفيد لذاته ومن ثم يدخل في الطريق الأسمى.


22 ولكن من يرفض كلام التعاليم السامية ويتبع إغراء الرغبات لا يصل إلى الاكتمال ولا إلى الفرح ولا إلى الطريق الأسمى.


23 اتبع التعاليم السامية كي تعرف الصواب والخطأ. أعرف التعاليم السامية وقم بما يتوجب القيام به في هذا العالم.
---------------------------------------------------------------------- ----------


[1] يكرهونني تعني يكرهون الذات في داخلهم، أي يكرهون روحهم.


[2] المخلوقات المتدنية مثل الحيوانات المتوحشة


في حال اثبات وجود البعرة اي بعير نختار


++++++++++++++++++++++
هنا يتحدث الرب المتجسد لاهوت في ناسوت كرشنا ويقول عن الملكوت الاعلى والجنة واللازم منه
قال الرب المبارك:


1 يتحدثون عن شجرة خالدة، الأسفاطا[1]، جذورها في الأعالي، وأغصانها هنا في الدنيا. أوراقها هي الفيدا، ومن يعرفها يعرف الفيدا.


أغصانها منتشرةً من الأرض إلى السماء، وقوى الطبيعة تعطيها الحياة. براعمها هي متعة الحواس. وهناك في الأسفل لها جذور تمتد في عالم البشر، تربط الإنسان الفاني من خلال الأعمال الأنانية.


2 لا يستطيع البشر رؤية الأشكال المتغيّرة لتلك الشجرة ولا يعرفون بدايتها ولا نهايتها، ولا يعرفون أين توجد جذورها. ولكن دع الحكيم يرى، وبسيف عدم الشهوة القوي دعه يقطع هذه الشجرة القوية الجذور، ودعه يبحث عن ذلك الطريق الذي لم يرجع منه أبداً كل من سلكه. مثل هذا الرجل يستطيع أن يقول: "أنا ألجأ إلى تلك الذات الأبدية التي منها نبعت أنهار الخليقة في البدء".


4 لأن الإنسان المثبّت بالذات، والمتحرّر من الغرور والضلال، ومن قيود التعلّق، الذي استقرت ذاته أبداً في الذات الكلّية، ورحلت عنه كل الرغبات الأنانية، والمتحرّر من ازدواجية المضادات المعروفة باللذّة والألم، يذهب إلى المقرّ الأبدي.


5 هناك الشمس لا تشرق، والقمر لا يضيء ، والنار لا تشتعل، لأن نور مجدي مشع. إنه مقامي الاسمى الذي لا يعود منه من يصل إليه.


6 ومضة أبدية من نفسي تصبح في هذا العالم روحاً حيّة، تجمع حولها الحواس الخمس والعقل، وتستقر في الطبيعة.


7 عندما يحل سيد الجسد[2]، وعندما يرحل ويطوف، يحمل معه تأثيرات الحواس والعقل ويرحل، مثل الريح التي تحمل العبير من مكان استقرارها (الأزهار).


8 هو يراقب العقل وحواسه - السمع واللمس والبصر والذوق والشم - وعقله يتمتع في عالمها.


9 عندما يرحل أو عندما يبقى، أو يتمتع بالحياة أو يتحد بغونات الطبيعة، لا يراه من هم في الضلال؛ ولكن من له عين الحكمة يرى.


10 الساعون إلى تحقيق الذات، المجاهدون أبداً، يرونه مقيماً في داخل قلوبهم، ولكن الذين لا يتحلون بالصفاء ولا يمتلكون الحكمة، وبالرغم من جهادهم، لن يروه أبداً.


11 إشراق النور الآتي من الشمس الذي ينير الكون كله، ونور القمر، ولمعان النار - أعرف أن كل ذلك يفيض مني.


12 أدخل الأرض وأدعم كل الكائنات بطاقتي الحيوية، وأصبح الصوما القمر المائي[3] الذي يغذي كل النباتات.


13 أقيم في جسد الكائنات مثل نار الحياة المقيمة في المعدة. وبالتوحّد مع النفَس الداخل والنفَس الخارج، أهضم الأنواع الأربعة للطعام[4].


14 وأنا مقيم في قلب الكل. مني تأتي الذاكرة والادراك، ومني أنا تضيع. أنا غاية الفيدا الحقيقية التي يجب أن تُعرف في كل الفيدا، وأنا مؤلف خاتمة الفيدا، الفيدانتا، وأنا عارف الفيدا.


15 هناك فئتان في العالم: الفاني وغير الفاني. الكائنات جميعها هي الفاني. وغير الفاني هو الذي يظهر بأشكال متعددة دون أن يتبدل.


16 وبالإضافة إلى هذين، توجد الروح العليا التي تدعى الذات الأسمى. هي الرب الأزلي الموجود في العوالم الثلاثة[5] ويدعمها جميعها.


17 لأني أتجاوز الفاني وأيضاً فوق غير الفاني، أُعرف في هذا العالم وفي الفيدا أني بروشوتام، المطلق الأسمى.


18 إن من يراني بوضوح الرؤية أني الذات الأسمى، هو يعرف كل ما يمكن أن يعرفه، وهو يكّرمني من أعماق ذاته.


19 لقد كشفْتُ لك التعاليم الأكثر سرية يا أرْجونا. إن من يعرفها يصل إلى أعلى مراتب الذكاء، إلى البْرَهْمان، فيتمم كل واجباته.
---------------------------------------------------------------------- ----------


[1] الأسفاطا تعني ما لا يستمر حتى الغد، أي ما هو دائم التغير والعالم المادي هو دائم التغير، البرهمان بكل طاقته غير الظاهرة يعرف بالواحد الأعلى، لآنه فوق كل شيء، وهو جزور (سمسارا) كل العالم المادي، أما أغصانه فتنتشر إلى مستويات كثيفة وسطحية، لذلك يقال أن أغصانه تنتشر في إلى تحت إلى المستوى الأدنى، الدنيا، وكما تحمي الأوراق الشجرة كذلك تحمي الفيدا بتعاليمها، شجرة الأسفاطا، شجرة العالم المادي. وبالرغم أن هذه الشجرة لا تستمر إلى الغد، لكنها خالدة لأنها تدور إلى ما لا نهاية في دوامة الولادة والموت، ولا يستطيع قطع هذه الشجرة إلا مَن أدرك البراهمان.


[2] سيد الجسد هو الذات الفردية أي الروح.


[3] يعتبر القمر مصدر لكل السوائل، ويرمز إليه بالصوما، والصوما هي الذكاء في حالة تحوله إلى مادة، وبذلك تكون الصوما أنقى مستوى من مستويات المادة، وهي ترمز إلى الخصب والغزارة.


[4] أنواع الطعام الأربعة الطعام الذي يوكل بواسطة المضغ والمص واللعق والبلع.


[5] العوالم الثلاثة هي الأرض والسماء والجنة.


هذي البعرة فأيهم البعير
++++++++++++++++++++++++++++++++
هنا يتحدث الرب كريشنل عن صفاته ودلائل وجوده وكيفية معرفته


قال أرْجونا:


1 رأفة بي أخبرتني عن السر الأسمى لذاتك، إن كلماتك قد بدّدت ضلالي.


لقد سمعت مطولاً عنك، يا صاحب العينين اللوتس، عن مجيء وذهاب الكائنات، وأيضاً عن عظَمتك التي لا تفنى.


2 لقد سمعت كلام الحق منك، ولكن روحي في شغف كي ترى؛ كي ترى شكلك كإله لكل ذلك.


3 إذا كنت تعتقد يا سيدي، إنني أستطيع أن أراك، دعني أرى مجد كيانك الأسمى، يا إله اليوغا.


4 قال الرب المبارك:


5 أنظر يا أرْجونا، إن أشكالي السماوية هي مئات أضعاف ومن ثم آلاف أضعاف لأشكالٍ وألوانٍ لا تحصى.


شاهد آلهة الشمس، وآلهة النار والنور، وآلهة العواصف والبرق، وقائدي العربة التوأم، المنيران في الجنة، شاهد إنزال بْهاراتا، إنها روائع لم تُرى من قبل.


6 شاهد الآن الكون كله بما يحرك وما لا يحرك، وكل ما تتشوق ذاتك أنت ترى. أنظرها كلها كواحد فيّ.


7 ولكنك لن تستطيع أن تراني أبداً بعينتيك الفانيتان تلك. سأهبك رؤية إلهية لتنظر عجبي ومجدي.


8 قال سنْجايا:


9 عندما تكلم كْريشْنا رب اليوغا بذلك، يا أيها الملك، ظهر لأرجونا بشكله الإلهي السامي.


ورأى أرْجونا في ذلك الشكل مشاهد لا تعدّ ولا تحصى من العجب؛ أفواه وأعين كثيرة من وجوهٍ لا تحصى، مزخرفات سماوية متعدّدة، وأسلحة مقدّسة لا تعدّ.


10 أكاليل أزهار وثياب سماوية، أشكال معطرة بالطيب المقدّس. كانت الأُلوهية اللامحدودة تواجه كل الاتجاهات، كل الروائع تحتوي فيه.


11 لو أشعت فجأة نور ألف شمس معاً في السماء، بهذه الروعة يمكن أن يقارن إشعاع الذات الأسمى.


12 وهكذا في جسم إله الآلهة، رأى أرْجونا الكون كله وبتنوعه في توحد كلي.


13 وعندئذ أحنى أرجونا رأسه بخوف ورهبة وعجب، وضم يديه إلى بعضهما بإجلال وتكلم إلى إلهه.


14 قال أرْجونا:


15 أرى فيك كل الآلهة، يا إلهي؛ وأيضاً أرى لامحدودية الكائنات في خليقتك. أرى الإله بْرَهْما على عرش اللوتس، وكل الرائين وثعابين النور.


أرى لامحدوديتك في كل ما حولي؛ قوة سواعدك التي لا تعدّ، المناظر من عيونك التي لا تعدّ، كلمات أفواهك التي لا تعدّ، ونار الحياة من أجسادك التي لا تعدّ. لا أرى في أي مكان بداية أو وسط أو نهاية لك، يا إله الكل، شكلك لامحدود.


16 أرى روعة جمالٍ لامحدود ينير الكون كله. إنه أنت! مع تاجك وصولجانك وهالتا. كم أنت صعب أن تُرى! ولكني أراك كالنار، كالشمس، باهرٌ، لا تعد ولا تحصى.


17 أنت الحي الباقي، أنت قمة المعرفة، أنت تدعم هذا الكون الفسيح. أنت المسيّر الأبدي لقانون الدْهرْما، الذات الحاضرة والتي كانت منذ البدء.


18 أراك دون بداية أو وسط أو نهاية؛ أشاهد قوتك اللامحدودة، قوة سواعدك التي لا تعدّ. أرى عيونك كالشمس والقمر. وأرى وجهك مثل نارٍ مقدسة تعطي النور والحياة للكون كله في روعة مقدمات ضخمة.


19 إن ذاتك منتشرة في السماء والأرض وكل المجالات اللامحدودة؛ وأمام عجب رهبة جلالتك ترتعد العوالم الثلاثة.


20 تأتي جميع الآلهة إليك ضامين اليدين برهبة وعجب، يسبّحون ويمجّدون. الحكماء والقديسين يأتون إليك يمجدونك بترانيم المجد.


21 رودرات التدمير، وفاسوات النار، وسادهيات المصلّين، وأديتيات الشمس؛ أنصاف الآلهة فيسفديفا، وقائدا عربة السماء الأشوين التوأم، الماروت للرياح والعواصف، الأوشماباس أرواح السلف؛ أجواق الغندهارفا السماوية، اليكشاس حافظي الثروة، شياطين جهنم والسيدْها الذين وصلوا الاكتمال على الأرض: إنهم كلهم ينظرون إليك بهيبة وعجب.


22 ولكن العوالم أيضاً تنظر شكلك الرهيب العظيم، بعدة أفواه وعدة عيون، وبعدة بطون وأفخاذ وأقدام، خائفة من أسنانك المخيفة، هم يرتجفون خوفاً، وأنا أرتجف أيضاً.


23 عندما أرى شكلك الضخم، يصل إلى السماء، ملتهب بعدة ألوان، بأفواه متشدقة، وعيون واسعة ملتهبة، يرتعد قلبي رعباً، وتنفذ قوتي ويتبدد سكوني يا فيشنْو!


24 مثل نار نهاية الزمن التي تحرق الكل في اليوم الأخير، أرى أفواهك الواسعة وأسنانك المخيفة. أضيع! أين أنا؟ أين ملجـئي؟ ارحمني يا إله الآلهة، يا ملجأ العالم الأسمى!


25 أبناء دْهْريتارشْتْرا جمـيـعاً مـع ملوكٍ آخرين في هذه الأرض وبْهيشْما


26 ودرونا وكارنا الكبير، وأيضاً المحاربين البواسل في جيشنا، جميعهم يدخلون بسرعة في أفواهك، مرعوبين بأنيابها المخيفة. بعضهم علق بينها وطحنت رؤوسهم.


27 مثل هدير سيول المياه المندفعة بغزارة إلى المحيط، هكذا يندفع أبطال عالمنا الفاني إلى أفواهك الملتهبة.


28 ومثل الفراشات المندفعة بخفة تدخل في اللهب المحرق وتموت، هكذا يسرع كل هؤلاء الرجال إلى نارك، مندفعين بسرعة من أجل تدميرهم الذاتي.


29 تلتهم نيران أفواهك كل العوالم. ومجدك يملئ الكون كله. لكن كم هو مخيف كيف تُحرق روائعك.


30 اكشف ذلك لي! من أنت في هذا الشكل المرعب؟ أنا أمجدك يا أيها الإله الأسمى؛ ارحمني. أتشوق أن أعرفك، يا من وُجِدت منذ البدء، لأني لا أفهم أعمالك الغامضة لي.


31 قال الرب المبارك:


32 أنا الزمان الكلّي القوة الذي يدمر كل شيء، لقد أتيت إلى هنا كي أقتل هؤلاء الرجال. حتى ولو لم تحارب أنت، إن جميع هؤلاء المحاربون المجابهون لك سيموتون.


لذلك انهض! يا أرْجونا، واربح مجدك، وتغلب على أعدائك وتمتع بمملكتك. أرى لامحدوديتك في كل ما حولي:نتيجة لقدر الكارما حكمت عليهم بالموت، لذلك كن أداة مجردة لعملي.


33 درونا وبهيشما وجايدراتا وكارنا وباقي الأبطال الأسطوريين في هذه الحرب العظيمة هم من عداد الأموات؛ لا تتردد، حارب وأقتلهم. عليك أن تتغلب على أعدائك في المعركة.


34 قال سنجايا:


35 عندما سمع أرْجونا هذه الكلمات من كْريشْنا، ضم يديه متردداً، وبصوت مضطرب، ومنحنياً بإجلال، تكلم.


قال أرْجونا:


36 إنه حقاً، يا هْريشيكيشا يا كْريشْنا، أن البشر يسبحونك، وإنهم فرحين ومسرورين بك. كل الأرواح الشرّيرة تهرب خوفاً، وكل جمع القديسين تنحني أمامك بخشوع.


كيف هم لا ينحنون أمامك حباً وإجلالاً، وأنت إله الآلهة، الذات الأسمى؟ أنت خالق بْرَهْما إله الخليقة، أنت لامحدود، أبدي وملجأ العالم! أنت كل ما هو موجود وكل ما هو غير موجود وكل ما هو وراء الوجود.


37 أنت الله منذ البدء، أنت الله في الإنسان منذ أن وجد الإنسان. أنت الكنز الأسمى لهذا العالم الفسيح. أنت الأحد المعروف وأنت العارف، أنت مرقد الراحة النهائي، أنت الحضور اللامتناهي الذي فيه يكون كل شيء.


38 أنت إله الرياح والمياه، إله النار والموت! سيد القمر المنفرد، أنت الخالق، أنت سلف الكل! المجد لك، ألف مجدٍ، وأيضاً وأيضاً المجد لك.


39 المجد لك يا من أنت أمامي وخلفي، المجد لك يا من أنت في كل النواحي، إله الكل. أنت الإله الكلّي القوة والكلّي المقدرة. أنت اكتمال الكل وأنت الكل.


40 إذا كنت قد قلت لك عن غير قصد، أو حتى بمودة الصداقة، "كْريشْنا! أو ابن بادو أو يا صديقي" أكون قد فعلت ذلك دون أن أعي على عظَمتك.


41 وإذا كنت قد أسأت التصرف معك ، أكنت منفرداً أو مع الآخرين، أو كنت قد مازحتك خلال التسلية أو خلال الراحة أو خلال وليمة طعام، أغفر لي برحمتك، يا من لا حد له.


42 أبٌ للكل، سيدٌ أسمى. قوة سامية في كل العوالم؛ من هو أعظم منك في الوجود أنت با من لا تقارن عظمته أو توصف؟


43 أنحني أمامك، أسجد تكريماً لك، وأتوسّل نعمتك، يا أيها الرب الرحمان! مثل الأب لولده ومثل الصديق لصديقه، ومثل العاشق لمعبودته، كن رحيماً لي يا الله.


44 في رؤية واحدة شاهدت ما لم يراه إنسان من قبل. هاءنذا أبتهج، ولكن قلبي لا يزال يرتجف من الخوف. ارحمني يا إله الآلهة، يا ملجأ العالم أجمعين، دعني أرى مرة أخرى شكلك البشري.


45 أتشوق أن أراك مرة أخرى بتاجك وصولجانك وهالتك، دعني أراك مرة أخرى بشكل سواعدك الأربعة، أنت ذو السواعد اللامحدودة وذو الشكل اللامحدود.


46 قال الرب المبارك:


47 بنعمتي وبعجب قوتي أظهرت لك يا أرْجونا، هذا الشكل الأسمى المصنوع من النور، الذي هو اللامحدود، الذي هو الكل؛ إنه شكلي الخاص الأزلي الذي لم يشاهده أي إنسان من قبل.


لا الفيدا ولا التضحيات ولا الدراسات ولا الإحسان، ولا الطقوس، ولا التقشّف المخيف، تستطيع أن تعطي رؤية شكلي الأسمى. أنت وحدك قد رأيت هذا الشكل، يا أعظم الكوريين.


48 لقد شاهدت الشكل المروِّع لعظمتي، ولكن لا تخف، ولا ترتبك. متحرراً من الخوف وبقلب فرح أنظر شكلي الودود مرة أخرى.


49 قال سنجايا:


50 وهكذا تكلم فاسوديفا (السيد كْريشْنا) لأرجونا، وأظهر ذاته بشكله البشري. أعطى إله الكل سلاماً لمخاوف أرْجونا واظهر ذاته بجماله المسالم.


قال أرْجونا:


51 عندما أرى وجهك البشري اللطيف، يا كْريشْنا، أعود إلى طبيعتي، وينعم قلبي بالسلام.


قال الرب المبارك:


52 أنت رأيت الآن وجهاً لوجه شكلي الإلهي الذي يصعب رؤيته، حتى إن آلهة السماء يحتاجون لزمن طويل كي يروا ما أنت رأيت.


ليس بالفيدا وليس بحياة التقشف وليس بمساعدة الفقراء وليس بالمقدمات المقدّسة يمكن أن يراني أحد مثلما رأيتني أنت.


53 لكن بثبات العقل والإخلاص قد يستطيع الناس أن يروني وأن يعرفوني وأن يأتوا إليّ.


54 إن من يعمل من أجلي بإخلاص، من أكون له مبتغاه الأخير ومن يكون متحرّراً من التعلّق بكل شيء، وبحبه لكل الخليقة دون أي عدائية، يأتي حقاً إليّ


++++++++++++++++++++++++++++++++


هنا تكملة للبعرة المتنازع عليها من الف بعير بعرة من ياترى
قال الرب المبارك:


1 أصغ مرة أخرى يا أرْجونا القوي، واسمع مجد كلمتي من جديد. أتكلم لمنفعتك الخاصة، لأن قلبك يبتهج عندما تسمعني.


إن جمع الآلهة لا يعرفون ولادتي، ولا الراءون الكبار على الأرض، لأن جميع الآلهة تأتي مني وكذلك جميع الراءون الكبار.


2 مَن يدرك أن لا بداية لي، وأني غير مولود وأني سـيد العوالم، يكون هذا الإنسان الفاني، متحرّراً من الضلال، وبعيداً عن كل شرّ.


3 الذكاء، شـهود الذات، التـغلـب على الضـلال، التسـامـح


4 الصـبور، التوازن الذاتي، السلام، الأفراح والأحزان، الوجود والفناء، الخوف وعدم الخوف، عدم الأذية واللاعنف، ديمومة الهدوء، الرضا، بساطة التقشّف، الكرم، الشرف والعار: هذه كلها حالات الإنسان الفاني وكلها تنبع مني.


5 الراءون السبعة منذ دهر الدهور، والمؤسسون الأربعة للجنس البشري، كونهم فيّ، أتوا من فكري، ومنهم ولد عالم البشر هذا.


6 إن كل من يعرف مجدي وقوتي، من المؤكد أن عقله مثبّت بأحادية الذات. هذه هي حقيقتي.


7 أنا الأحد نبع الكل. وتطوّر الكل يأتي مني. الحكماء يعرفوني ويكرّمونني بإخلاص ومحبة.


8 أفكارهم مثبتة فيّ، وحياتهم فيّ، ويشعّون بالنور لبعضهم. يتكلمون دوماً عن مجدي، وينعمون بالسلام والفرح.


9 إلى أولئك المثبتين أبداً بالذات، والذين يكرموني بإخلاص، أعطيهم بودهي يوغا[1] التي بها يأتون إليّ.


10 من عطفي عليهم أقيم في قلوبهم وأبدّد ظلام جهلهم بنور مصباح المعرفة المشع.


قال أرْجونا:
12 أنت ألبْرَهْمان السامي، النور السامي، والطهور السامي، الذات الإلهية الأبدية، الله غير المولود الموجود منذ البدء، رب الكل الدائم الوجود.


هكذا يمجدك جميع الراءون المدركون للحقيقة، مثل الرائي الإلهي نارادا، وأسيتا وديفالا وفياسا. وهذا الآن ما استوحيته منك.


13 إن لي إيمان بكل ما تقوله، لأنه الكلام الحق. ولا تستطيع آلهة السماء ولا شياطين جهنم من استيعاب مجالك الواسع اللامحدود.


14 إن ذاتك فقط تعرف ذاتك بذاتك. أنت منبع كيان كل الكائنات، وإله الآلهة، وحاكم الكل.


15 أخبرني حقاً، ودون تحفظ، عن صفاتك الإلهية التي بها تتواجد وتملئ كل العوالم.


16 كيف لي أن أتأمّل دوماً من أجل أن أعرفك؟ وفي أي من الظواهر علي أن أفكّر بك يا ربي؟


17 حدثني مرة أخرى بالتفصيل عن قوّتك وعن مجدك، أنا لا أملّ أبداً من سماع كلامك.


18 قال الرب المبارك:


19 أصغى إلي سأكشف لك بعض الظواهر لمجدي الإلهي. وعن أعظمها فقط يا أرْجونا، لأنه لا نهاية لهذه الظواهر اللامحدودة.


أنا الذات الكلية، الملك المنتصر، المقيم في قلب كل الأشياء. أنا البداية والوسط والنهاية لكل الكائنات.


20 بين أبناء النور أنا فيشنو، وبين الأجسام النيّرة أنا الشمس المشعة. أنا سيد الرياح والعواصف، وبين أنوار الليل أنا القمر.


21 بين الفيدا أنا ساما فيدا، فيدا الأغاني، وأنا إندرا رئيس الآلهة. فوق حواس الإنسان أنا العقل، وفي الكائنات الحية أنا نور الوعي.


22 بين القوى الرهيبة أنا إله الدمار شيفا، وفي الوحشية أنا فيتسا، رب الثروة. وفي الأرواح المشعة أنا النار أغْني، وبين الجبال الشاهقة أنا جبل الآلهة ميرو.


23 بين الكهنة أنا الكاهن الإلهي بْريهسْباتي، وبين المحاربين أنا سْكاندا إله الحرب. وفي الأجسام المائية أنا المحيط الكبير.


24 بين الرائين الكبار أنا بْهريغو، وفي الكلمات أنا أوم كلمة الأبدية. وفي اليغيا أنا يغيا جابا (الترداد الساكن)، وبين الأشياء غير المتحركة أنا الهمالايا.


25 في الأشجار أنا شجرة الحياة أشفاتها، وبين الرائين في الجنة أنا نرادا. وبين الموسيقيين السماويين أنا شيتراراتا، وبين الرائين في الأرض أنا كابيلا.


26 في الخيل أنا حصان إندرا، وفي الفيلة أنا فيله إيرافاتا. وبين البشر أنا ملك البشر.


27 في السلاح أنا البرق، وفي البقر أنا بقرة العجب. وبين الخالقين أنا خالق الحب. في الأفاعي أنا حيّة الأبدية.


28 بين الثعابين الخفية أنا أننتا، وبين المولودين في الماء أنا فارونا، ربهم. بين أرواح الأجداد أنا أريمان، وبين حكام ياما، أنا حاكم الموت.


29 بين الشياطين أنا براهلادا ملكهم. وفي كل أدوات القياس أنا الزمن. في الوحوش أنا ملك الوحوش، وفي الطيور أنا فيناتيا الذي يحمل إله.


30 بين وسائل التنقية أنا الريح، وبين المحاربين أنا راما البطل الأسمى. وبين أسماك البحر أنا مكارا الرائع. وبين الأنهار أنا الغانج المقدّس.


31 أنا البداية والوسط والنهاية لكل ما هو موجود. في كل المعرفة أنا معرفة الذات. وفي كل طرق المنطق أنا الطريق الذي يقود إلى الحقيقة.


32 في الأصوات أنا أول نبرة، أ، في المركبات أنا الثنائي. أنا الزمن الذي لا ينتهي. أنا المساند للكل الذي يوزع نتائج الأعمال.


33 أنا الموت الذي يزيل كل شيء، وأنا مصدر الازدهار، في الأسماء الرقيقة أنا الشهرة والازدهار والجمال؛ المخاطبة والذاكرة والذكاء؛ الثبات والتسامح الصبور.


34 أنا أغاني بريهاتي بين أغاني الفيدا. أنا غاياتري بين كل أوزان أبيات الفيدا. في الأشهر أنا أول أشهر السنة، وفي الفصول أنا فصل الأزهار.


35 أنا الفطنة في نرد المقامر. أنا جمال كل ما هو جميل، أنا النصر وأنا الكفاح من أجله. أنا جودة الصالحين.


36 بين أولاد فْريشْني أنا كْريشْنا، وبين أبناء بانْدو أنا أرْجونا. بين الرائين في الصمت أنا فْياسا، وبين الحكماء أنا الحكيم أوسانا.


37 أنا صولجان حكام البشر، وأنا السياسة الحكيمة لمن ينشد النصر. أنا صمت السر المخبأ. أنا معرفة العارفين.


38 وأعلم يا أرْجونا أني بذرة كل ما هو موجود؛ وأن كل ما يحرك وما لا يحرك لن يوجد من دوني.


39 لا نهاية لعظَمتي الإلهية يا أرْجونا. أن ما قلته لك هاهنا هو ليس سوى جزء ضئيل من لامحدوديتي.


40 إعلم أن كل ما هو جميل وجيد، وكل ما له مجد وقوة هو جزء فقط من إشعاعي الخاص.


41 ولكن ماذا يجديك نفعاً أن تعرف كل هذه التعدّدية؟ اعلم إن بجزء واحد ضئيل من كياني أنتشر وأدعم الكون كله، واعلم أني أنا هو.


[1] بودهي يوغا تعني الممارسة الفكرية التي لا تتضمن التركيز، أي التأمل التجاوزي


+++++++++++++++++++++++++++++++
قال الرب المبارك
1 سأخبرك عن سرّ المعرفة العظيم، يا أرْجونا، لأن روحك مؤمنة. عندما تتثبّت بالذات وتدرك هذه المعرفة ستتحرّر من الخطيئة.


هذه المعرفة هي الأعلى بين العلوم، والأكثر عمقاً في الفكر الفلسفي والحكمة، والأسمى في الطهارة، يتم تحقيقها بالإدراك المباشر، وتمنح باستحقاق فائق، سهلة الإتباع، وذو طبيعة أزلية.


2 ولكن مَن ليس لهم إيمان في هذه الحقيقة، لن يأتوا إليّ، بل يعودوا إلى دورات الحياة والموت.


3 إن هذا الكون الظاهر يأتي من كياني غير الظاهر. والكائنات جميعها تسكن فيّ، ولكني لا أسكن فيهم.


4 وفي الحقيقة إنهم لا يسكنوا فيّ، بسبب سري التوحيدي المقدس. أنا نبع كل الكائنات وأنا أدعمها ولكني لا أسكن فيها.


5 مثلما تستقر الرياح العظيمة في الفضاء الأثيري الفسيح، هكذا تستقر فيّ كل الكائنات. اعلم هذه الحقيقة، يا أرجونا.


6 في حلول ليل الزمن، يا ابن كونتي، تعود كل الأشياء إلى طبيعتي؛ وعند بداية نهار الزمن الجديد أعيدها من جديد إلى النور.


7 هكذا وبتفاعل طبيعتي أولِد كل الخليقة مراراً وتكراراً، ودون أي مساعدة، بل نتيجة التفاعل الذاتي لطبيعتي.


8 ولكني غير مقيد بهذا العمل العظيم للخليقة. أبقى وأراقب مسرحية ما يجري.


9 أنا أراقب، والطبيعة في عملها في الخليقة تولِد كل ذلك الذي يحرك والذي لا يحرك، وهكذا تستمر دواليب العالم في الدوران.


10 إنما مجانين العالم لا تعرفني عندما يروني في جسدي البشري، فهم لا يعرفون ذاتي السامية، الذات اللامحدودة لكل ذلك.


11 آمالهم ضائعة، أعمالهم ضائعة، معرفتهم ضائعة، وأفكارهم ضائعة. يهْوون إلى أسفل السافلين، إلى طبيعة الشياطين، باتجاه ظلمة ضلال جهنم.


12 ولكن هناك بعض النفوس العظيمة تعرفني، ملجأهم هو طبيعتي الخاصة الإلهية. مثبتون فيّ بالأحادية، مدركون أني منبع الكل.


13 يكرّمونني بإخلاص دوماً وأبداً. نذرهم قوية، ومتوحّدون دوماً، مأخوذون بي من كل قلوبهم.


14 وهناك آخرون يكرّمونني أيضاً ، ويعملون من أجلي، ويضحّون بذاتهم، هم يروني كواحد أحد وكتعددية متعددة لأنهم يرون أن الكل فيّ.


15 أنا التضحية وأنا مقدمات التضحية، أنا الهدية المقدّسة والنبتة المقدّسة. أنا الكلمة المقدّسة والقوت المقدّس والنار المقدّسة وأنا المقدمات المصنوعة في النار.


16 أنا آب هذا الكون، وحتى أني مصدر الآب. أنا أُم هذا الكون، وأنا خالق الكل. أنا الأعلى الممكن أن يُعرف، أنا طريق الصفاء، أنا الكلمة المقدّسة آوم، أنا الفيدا الثلاثية.


17 أنا الطريق، وأنا المعلم السيد الذي يشاهَد في السكون؛ صديقك وملجؤك ومقرّك للسلام. أنا البداية والوسط والنهاية لكل الأشياء، وأنا بذرة أبديتها، وكنزها السامي.


18 حرارة الشمس تأتي مني، أنا من يُهطل المطر ومن يحبسها. أنا حياة الخلود والموت، أنا كل ما يكون وكل ما لا يكون، يا أرجونا.


19 هناك من يدرسون الفيدا الثلاثية، ومن يشربون الصوما[1]، ومن هم أنقياء من أي ذنب. يتعبّدون ويصلّون من أجل جنة السماء. هم ينالون حقاً جنة إندرا، ملك الآلهة[2]، وهناك يتمتّعون بالملذّات الملوكية.


20 إنهم يتمتّعون بملذّات ذلك العالم الفسيح في الجنة، لكن مردود أعمالهم لا بد أن ينتهي ويعودوا إلى عالم الممات ليتبعوا بدقة كلمات الفيدا الثلاثية، لأنهم تلهّفوا لملذّات زائلة، نالوا حقاً ملذّات زائلة.


21 ولكن أولئك الذين يتأمّلون بي بأحادية صفاء الذات، ويكرموني في كل الكائنات، إلى أولئك المثبّتين أبداً في الذات، أزيدهم بما عندهم وأعطيهم ما لا يملكون.


22 حتى أولئك الذين يكرمون بإيمان آلهة أخرى، بحبهم ذلك هم يكرّمونني وحدي، بالرغم من أنهم ليسوا في الطريق الصحيح.


23 لأني أقبل كل تضحية، وأنا ربهم الأسمى. ولكنهم لا يعرفون كياني الصافي، وبسب ذلك سيعودون إلى عالم الممات.


24 إن من يكرّم الآلهة إلى الآلهة يذهب، من يكرّم الآب إلى الآب يذهب. ومن يكرّم الأرواح الساقطة إلى الأرواح الساقطة يذهب، إنما من يكرمني يأتي إلي.


25 أن من يقدّم لي بإخلاص ورق نبات، أو زهرة، أو ثمرة فاكهة، أو حتى قليل من الماء، أقبل ذلك من تلك الذات التوّاقة، لأنها قُدّمت بمحبةِ قلبٍ نقي.


26 كل ما تفعله أو تأكله أو تعطيه أو تقدّمه بإخلاص، فليكن تقديماً لي، وكل ما تعانيه، عانيه من أجلي.


27 هكذا ستتحرّر من قيود الكارما التي تُثمر شراً وخيراً، وبثباتك بأحادية الذات متحرّراً من التعلّق، ستتحرّر وتأتي إليّ.


28 إن ذاتي هي في كل الكائنات، ومحبتي هي ذاتها للكل دائماً، ولكن الذين يكرموني بإخلاص هم فيّ وأنا فيهم.


29 إذا كرمني أكبر الخطاة بصدقٍ وإخلاصٍ نابعٍ من ذاته، فهو يُعتبر صالحاً أبداً، بسب إرادته الصالحة.


30 وسرعان ما يصبح طاهراً ويستقر في السلام الأبدي. هذا هو وعدي لكم، أن من يعرفني بصدق لن يضيع أبداً.


31 أن مَن يلجأ إليّ، أكان ضعيفاً أو متواضعاً أو خاطئاً - نساء أو تجار أو خدم أنهم جميعاً يصلون الطريق الأسمى.


32 وكيف يكون الحال مع البراهمة الأتقياء والحكام القدّيسين الذين يحبونني! بقدومك إلى عالم الحزن هذا، العالم الزائل، أحبني يا أرْجونا.


33 أهب لي عقلك وأهب لي قلبك، أهب لي مقدماتك وإخلاصك، وبذلك وبثبات ذاتك، وبجعلك لي هدفك السامي، ستأتي حقاً إليّ.
---------------------------------------------------------------------- ----------




[1] الصوما مادة مرهفة جداً يفرزها الجسم في الجهاز الهضمي عندما يتطور الوعي ويتثبّت في الوعي التجاوزي.


[2] الآلهة تعني قوى الطبيعة وإندرا هي أعلى هذه القوى وتعني قوة البرق والرعد والمطر في الطبيعة.


البعرة ثابتة لكن البعير اين ذهب
+++++++++++++++++++++++++++++
هنا يبين لنا مقدراته ودلائل وجوده العظيم يلا نشوف




قال الرب المبارك:
1 بتثبيت عقلك علي، يا ابن بارتا، وباتخاذك لي كملجئك الأسمى، وبممارستك لليوغا، هكذا ستعرفني بالكامل ودون أدنى شك، هذا ما عليك أن تسمعه.


سأكلمك عن المعرفة والاختبار، وبمعرفتهما لن يبقى شيء آخر تحتاج أن تعرفه.


2 من بين آلاف الناس ربما هناك واحد يجاهد من أجل الاكتمال، ومن بين آلاف المجاهدين ربما هناك واحد يعرفني حقاً.


3 إن طبيعتي الظاهرة لها ثمانية أشكال: الأرض والماء والنار والهواء والأثير والعقل والمنطق والأنا.


4 هذه طبيعتي الدنيوية، ولكن خلفها، يا أيها المسلح الجبار، تكمن طبيعتي العلوية، الذات الكلّية، إنها نبع الحياة التي بها وجد هذا الكون.


5 اعلم أن هاتين الطبيعتين هما رحم كل الكائنات؛ وأنا البداية والنهاية للكون كله.


6 لا يوجد ما هو أعلى مني في هذا الكون المترامي الأطراف، كل العوالم تستقر فيّ، كما تنعقد حبات اللؤلؤ حول الخيط.


7 أنا الذوق في مياه الحياة، يا ابن كونتي، أنا النور في الشمس والقمر، أنا المقطع آوم في الفيدا كلها، أنا الصوت في الأثير، والمقدرة في الإنسان.


8 أنا العبير الصافي العابق من الأرض ولمعان النار هو أنا. أنا الحياة في كل الكائنات، والتقشّف في المتقشفين.


9 اعرفني يا ابن بارتا، أنني منذ الأزل بذرة الحياة الأبدية لكل الكائنات. أنا ذكاء الأذكياء. أنا بطولة الأبطال.


10 أنا قوة الأقوياء، عندما تكون هذه القوة خالية من الغضب والرغبات الأنانية. أنا الرغبة عندما تكون صافية ومنسجمة مع الدْهرْما.


11 واعلم أن الغونات الثلاث، الساتفا والرجس والطمس، تأتي مني؛ النور السامي والحياة النابضة والظلمة بلا حياة. أنا لست فيها؛ لكن هي فيّ.


12 مضلّل بهذه الحالات، حالات الغونات الثلاث، هذا العالم كله لا يعرف أني خلفها، ولا يعرف أني كائن أبداً !


13 من الصعوبة حقاً، تجاوز مايا[1] التي تخصني، والمكوّن من الغونات. ولكن من يكرّس ذاته لي وحدي، يتجاوز هذا الوهم.


14 إنما فاعلوا الشر لا يبحثون عني، لقد أظلمت روحهم بالضلال. وحُجب نظرهم بالوهم، واتخذت قلوبهم طريق الشر.


15 هناك أربعة أنواع من الناس الصالحين، وهم جميعاً محبين لي يا أرْجونا، إنهم : الرجل الحزين، والباحث عن المعرفة، والباحث عن الفرح[2]، والحكيم[3].


16 إن أعظم هؤلاء الرجال هو الحكيم المثبت بالذات، إنه هو واحداً أبداً، مثبّتٌ بالأحد. أنا مثبّت فيه وهو مثبّت فيّ.


17 نبلاء هم الأنواع الأربعة من الناس؛ ولكني أنا واليوغي الحكيم المثبت بالذات واحد، إن ذاته هي فيّ، وأنا طريقه السامية.


18 وبعد عدة ولادات[4] يأتي إليّ هذا اليوغي العظيم المثبّت بالذات، قائلاً: "الذات هي في الكل"، إنه حقاً يصعب وجود مثل هؤلاء الرجال.


19 لكن من تشوه عقولهم الرؤية، ويكرّمون آلهة أخرى[5]، ينقادون بطبيعتهم الخاصة[6]، ويتبعون طرق مختلفة.


20 إنما إذا شاء الإنسان بالإيمان أن يكرّم هذا الإله أو ذاك، أمدّه الإيمان، الإيمان الثابت الذي لا يتزعزع.


21 وعندما يكرّم هذا الإنسان ذلك الإله وهو ممتلئٌ بالإيمان، يحقّق منه رغباته، أما في الحقيقة فكل هذا يأتي مني وحدي.


22 ولكن ثمار ما يرغب هؤلاء الناس أصحاب المعرفة الضئيلة، قليلة ومحدودة. من يكرّم الآلهة يذهب إلى الآلهة، ومن يكرّمني يأتي إليّ.


23 يعتقد الجهلة أنني ذلك الشكل[7] من طبيعتي المتدنية التي تُرى بالعيون الفانية. إنهم لا يعرفون طبيعتي الأسمى الخالدة والتجاوزية.


24 لأن مجدي محجوب عن الكل، أنا المخبّئ بحجابي الخفي. والعالم في ضلاله لا يعرف أني لم أولد وأني كائنٌ للأزل.


25 أنا أعرف كل ما كان وما يجري وما سيكون، يا أرْجونا، ولكن لا أحد يعرف حقيقتي.


26 خُلقت الكائنات كلها في الضلال، ضلال الانقسام الأتي من الرغبة والكره.


27 ولكن هناك أُناس يفعلون ما هو الصواب، وقد انتهت آثامهم. إنهم متحرّرون من ضلال الانقسام ومثبّتون بي في ذاتهم.


28 أولئك المتخذون فيّ ملجأً لهم والمجاهدون من أجل التحرّر من الشيخوخة والموت، هم يعرفون بْرَهْمان[8] ويعرفون أتْمان[9] ويعرفون ما هي الكارْما[10].


29 يعرفونني في مملكة الأرض وفي مملكة النور، وفي نار التضحية. هكذا يعرفونني بذاتهم الثابتة والمتوازنة حتى عندما يأتي أجلهم.
---------------------------------------------------------------------- ----------




[1] مايا تعني الوهم، ويقصد بذلك أن الخليقة تصبح وهماً عند ادراك الحقيقة الأبدية، تجاوز مايا تعني تجاوز الإدراك البشري للخليقة الظاهرة التي هي تفاعل الغونات الثلاثة، كي يدرك الحقيقية الأبدية.


[2] الباحث عن الفرح في هذا العالم وفي العالم الأبدي الذي يليه.


[3] الحكيم هو الذي تخلى عن كل الرغبات بعد إدراكه أنها جميعها تأتي من الوهم، مايا.


[4] ولادات الروح في اختبار الوعي التجاوزي.


[5] الآله الأخرى هي قوى الطبيعة كالريح والشمس والنار والبرق والمطر، الخ.


[6] طبيعتهم الخاصة تعني الكارما، أي نتائج أعمالهم السابقة.


[7] عندما يظهر اللامحدود في الخليقة يأخذ عدة أشكال ومن هذه الأشكال ما يعرف بالآلهة وهي طبيعة السيد كريشنا المتدنية، أما السيد كريشنا فهو اللامحدود المطلق الأبدي.


[8] بْرَهْمان هو الذات الكلية الكونية.


[9] أتْمان هي الذات الفردية في الإنسان.


[10] الكرما هي نظام الفعل وردة الفعل.


المشكلة في البعير طلع بعارين


++++++++++++++++++++++++++++++


نكمل كلام البعير




قال أرْجونا:
1


ما هو بْرَهْمان؟ ما هو أتمان؟ وما هي الكارما، يا صاحب الذات السامية؟ ما هي مملكة الأرض؟ وما هي مملكة النور؟




من هو مقدم التضحية في الجسم؟ وكيف تُصنع القرابين؟ يا كريشنا أيها المتغلب على مادهو. وعندما يحل الأجل كيف يعرفك من تثبّت بالذات؟
2


قال الرب المبارك:
3


بْرَهْمان هو الأسمى الأبدي، وعندما يحلّ في الإنسان يسمى أتمان. الكارما هي قوة الخلق التي منها تستمد كل الأشياء حياتها.




المادة هي مملكة الأرض، التي تزول مع الزمن. ولكن الذات الكلية هي مملكة النور. في هذا الجسد أنا أقدم التضحية وجسدي هو القربان، يا أرجونا يا أفضل الناس.
4


ومن يترك جسده عند حلول أجله وهو يتأمل بي وحدي، يأتي حقاً إلى كياني؛ إنه حقاً يأتي إليّ.
5


يذهب الفرد إلى ما يفكّر به في آخر لحظة حياته، يا إبن كونتي، وذلك لانسجامه مع طبيعة ما يفكّر به.
6


لذلك اذكرني دوما في كل وقت؛ تذكرني وقاتل. وبتثبيت عقلك ومنطقك فيّ ستأتي حقاً إليّ.
7


لأنه إذا تأمّل الإنسان بالذات السامية التجاوزية بعقلٍ ثابت غير متأرجح، مكتسبٌ ذلك من ممارسة اليوغا، يا إبن بريتا، يذهب إلى نور الذات الكلية.
8


إن من يتأمّل بذلـك الكلي الوجـود، الأزلي، الحاكم المـطلق لكل شـيء في كل زمان، الأصغر مـن أصغر ذرة، والذي يدعم الكل للكل، والذي لا شكل له، والمدَرك ذاتياً مثل الشمس، خلف ظلمة الوهم، من يتأمّل به في وقت رحيله ويكون متحداً بالحب وقوة اليوغا، وبعقل غير متأرجح، ومحافظاً على قوة حياته بين حاجبيه، يذهب إلى الذات السامية، إلى نور الذات الكلية.
9
10


اسمع الآن عن ذلك الذي يسميه عارفون الفيدا بالأبدي الذي لا يفنى، وعن ذلك الذي يصل إليه أولئك السنياسي الذين يعيشون متحرّرون من التعلّق الأرضي، ومن أجل أي هدف هم يعيشون حياةً بتول.
11


عندما يترك الإنسان جسده الأرضي، ويكون في سكون اليوغا، مقفلٌ أبواب حواسه، جاعلٌ عقله في قلبه، وواضعٌ نفَس حياته في رأسه.
12


وفي تأمّله بي لافظاً الكلمة الأبدية لبرهمان، آوم، يذهب إلى الهدف الأسمى[1].
13


أولئك الذين في تكريس أنفسهم لليوغا تستقر ذاتهم أبداً فيّ، سيأتون إليّ سريعاً، يا إبن بريتا.
14


وعندما ترقد ذاتهم السامية فيّ، في مقرّ الفرح السامي، لن يعودوا أبداً إلى عالم الأحزان البشرية هذا.
15


تضمحل كل العوالم، يا أرجونا، بما في ذلك عالم بْرَهْما، الخالق؛ إنها تضمحل وتعود. ولكن من يأتي إليّ، يا إبن كونتي، لن يأخذ ولادة ثانية.
16


من يعرف أن نهار بْرَهْما يدوم آلاف العصور وليل بْرَهْما يدوم أيضاً آلاف العصور - هو يعرف حقاً النهار والليل[2].
17


عندما يأتي ذلك النهار، تطلع كل المخلوقات الظاهرة من غير الظاهر؛ وتعود المخلوقات وتختفي في غير الظاهر عندما يحل ليل الظلمة.
18


بذلك إن تعدد الكائنات التي تعيش مراراً وتكراراً، تختفي دون مقاومة عندما يحل ليل الظلمة؛ وكلها تعود وترجع مع طلوع النهار.
19


ولكن وراء هذه الخليقة، الظاهرة وغير الظاهرة. يوجد غير ظاهرٍ أخر، الوجود الأبدي الذي لا يزول مع زوال كل الكائنات.
20


أن ما سمي بغير الظاهر الأزلي هو الهدف الأسمى، ومن يصل إليه لن يعود أبداً. هذا هو مقامي الأعلى.
21


هذه الذات الأسمى يا أرْجونا، تتحقق بالتكريس للتثبت بها وحدها. فيها كل شيء يحيا، ومنها كل شيء يأتي.
22


أسمع الآن عن وقت النور عندما يذهب اليوغيون إلى الحياة الأبدية؛ وأسمع أيضاً عن وقت الظلمة عندما يعودون للموت على الأرض.
23


إذا رحلوا في اللهيب، في النور، في النهار، في أسابيع القمر المنيرة وفي أشهر ازدياد نور الشمس، من منهم يعرف بْرَهْمان يذهب إلى بْرَهْمان.
24


أما إذا رحلوا في الدخان، في الليل، في أسابيع القمر المظلمة وفي أشهر انتقاص أيام الشمس، يدخلون النور القمري، ويعودون إلى عالم الموت.
25


هذان هما الممران الموجودان إلى الأبد: ممر النور وممر الظلمة. الأول يقود إلى أرض اللارجوع والأخر يعيد إلى الحزن.
26


إن اليوغي الذي يعرف هذان الممران لن يعيش بعد ذلك في الضلال. لذلك كن دوماً وأبداً متوحّداً باليوغا يا أرْجونا.
27


هناك مكافأة تأتي من الفيدا أو من التضحية أو من حياة التقشف أو من اليغيا. ولكن أعظم المكافئات ينالها اليوغي الذي يعرف حقيقة النور والظلمة: ينال بيته الأبدي.
28




---------------------------------------------------------------------- ----------




[1] الهدف الأسمى هو وصول الذات إلى مقام برهمان حيث منه لا رجوع.


[2] يقصد هنا بالنهار والليل انبثاق واضمحلال الكون كله.


++++++++++++++++++++++++++++++++
هنا نجد حكمة البعير عفوا الرب كريشنا الذي لايولد ولايلد لكن يولد


الحكمة


قال الرب المبارك:
1


لقد كشفت هذه اليوغا الأبدية إلى فيفاسْوات[1]، وفيفاسْوات علّمها إلى ولده مانو[2] ومانو نقلها إلى ولده إيكشْفاكو القدّيس.




وبانتقالها من واحدٍ إلى آخر، عرفها الملوك الحكماء، ولكن على مرّ الزمن السحيق ضاعت هذه اليوغا عن العالم.
2


أنا أكشف لك هذه اليوغا نفسها المعروفة منذ القِدم، السرّ الأسمى، إني أكشفها لك لأنك مُريدي وصديقي.
3


قال أرْجونا:
4


إن ولادتك كانت بعد ولادة فيفاسْوات: ماذا تقصد عندما تقول: "لقد كشفت هذه اليوغا إلى فيفاسْوات"؟




قال الرب المبارك:
5


لقد مررت أنا في عدة ولادات، كما أنت مررت أيضاً، يا أرْجونا. أنا اعرف ولاداتي كلها، ولكنك أنت لا تعرف ولاداتك.




بالرغم من أني لا أُولد ولا أفنى، وبالرغم من أني رب كل الكائنات، إلا أني أبقى في طبيعتي الخاصة، وأولد من خلال قوتي الخاصة في الخليقة.
6


كلما تتدهور الدْهرْما وتضيع الواجبات ويعم الجهل والفوضى، أخلق نفسي، يا بهاراتا يا أرْجونا.
7


من أجل أن أَنصر الحق وأُزهق الباطل، وأُثبّت الدْهرْما، أُولد في عصرٍ بعد عصر.
8


إن ولادتي هي ولادةٌ إلهية وعملي هو عملٌ إلهي، ومن يدرك ذلك بعمق، لن يولد مرة أخرى بعد ترك جسده. إنه يأتي إلي يا أرْجونا.
9


متحرّرون من التعلّق والخوف والغضب، ممتلئون بي، يتخذوني ملجأ، أنقياء بتقشف الحكمة، كثيرون أتوا إلى كياني.
10


كما يتقارب مني الناس، أتقارب أنا منهم. وبطرقهم المتعددة سوف يتبعوني في الطريق.
11


من يرغب الاكتمال في العمل، يقدم التضحيات للآلهة هنا على الأرض، لأن نجاح العمل يثمر بسرعة في عالم البشر.
12


أنا خلقت النظام الرباعي[3] طبقاً لأقسام الغونات والعمل. ومع أني أنا مؤلفها إلا أني لست بالفاعل، أنا ثابت لا أتغيّر.
13


أنا المتحرّر من قيود العمل، ولا أتشوّق إلى ثمار العمل. إن من يعرف صفاتي هذه هو أيضاً غير مقيّد برابط العمل.
14


حتى القدماء الباحثين عن التحرّر قاموا بالعمل وهم يعلمون هذه الصفات؛ لذلك قم أنت بالعمل مثلما فعل القدماء في الأيام الغابرة.
15


ما هو العمل وما هو عدم العمل؟ حتى الحكماء يرتبكون في ذلك. سأشرح لك عن العمل الذي به ستتحرّر من كل شر.
16


ينبغي عليك أن تفهم ما هو العمل، وأن تفهم ما هو العمل الخطأ، وأيضاً عليك أن تفهم ما هو عدم العمل. إن مجال العمل متعذر فهمه بسهولة.
17


مَن يرى في العمل عدم العمل وفي عدم العمل يرى العمل هو حكيم بين البشر. إنه متوحِّد وقد حقّق كل عمل.
18


مَن يكون في كل ارتباطات أعماله متحرّراً من رغبة بها أو إثارة منها، من يحرق أعماله بنار المعرفة، هو مَن يدعوه مدركي الحقيقة بالحكيم.
19


من تخلّى عن التعلّق بثمار العمل، راضياً دوماً، لا يعتمد على شيء، وبالرغم من ارتباطه الكلي بالعمل، فهو لا يعمل بتاتاً.
20


من لا يتوقع شيئاً، قلبه وعقله مهذّبان، متنازلاً عن كل تملّك، يقوم بعمله بواسطة الجسم فقط، هو الذي لا يرتكب أي خطيئة.
21


مقتنعٌ بما يأتيه، لا يسأل، فوق ازدواجية المضادات، متحرّرٌ من الحسد، متوازنٌ في النجاح والفشل، وفي عمله هو غير مرتبط.
22


إن من هو متحرّر من التعلّق، مستنير، عقله مثبّت بالحكمة، يعمل من أجل الواجب، اليغيا، أعماله تتحلّل كلياً.
23


عمل التضحية هو بْرَهْمان[4]، والذبيحة هي بْرَهْمان، وتسكب بواسطة بْرَهْمان في النار التي هي بْرَهْمان. إلى بْرَهْمان وحده سيذهب من هو مثبّت ببْرَهْمان من خلال عمله.
24


هناك بعض اليوغيين يؤدون اليغيا بمجرد تكريم الآلهة، والبعض الآخر يؤدي اليغيا ذاتها في النار التي هي البْرَهْمان.
25


البعض يقدّمون السمع والحواس الأخرى في نيران التحكم[5]؛ والبعض الأخر يقدّمون الصوت ومدركات الحواس الأخرى في نيران الحواس[6].
26


والبعض الأخر يقدم كل نشاطات الحواس ونشاطات نفَس الحياة في نار اليوغا، التي هي ضبط النفس المتنوّرة بالإشراق.
27


والبعض يؤدي اليغيا بالتضحية بممتلكاتهم المادية، وبالتقشف، وممارسة اليوغا؛ في حين بعض أصحاب النذور القاسية يؤدون اليغيا بالتضحية في دراساتهم الدينية ومعرفتهم.
28


وآخرون أيضاً، من يثابرون على تمارين التنفس، براناياما، يسكبون النفس الداخل في النفس الخارج، والنفس الخارج في النفس الداخل، ويكبتوا مجال الشهيق والزفير.
29


وهناك أيضاً من يمتنع عن تغذية الحواس، يقدم الأنفاس في الأنفاس[7]، هؤلاء جميعاً هم حقاً من يعرف تأدية اليغيا، من خلال اليغيا تُغسل عنهم خطاياهم.
30


إن الذين يأكلون بقايا اليغيا التي هي الإكسير، يصلون إلى بْرَهْمان الأبدي. إن هذا العالم والعالم الذي يليه لن يكونا مقراً لمن لا يؤدي اليغيا.
31


بهذه الطريقة تعرّف كلمات الفيدا عن مختلف أنواع اليغيات. إنها جميعها مولودة من العمل. وبمعرفتك بذلك ستجد التحرّر.
32


أفضل من يغيا التقديمات المادية هي يغيا المعرفة. وكل عمل دون استثناء يتتوج بالمعرفة.
33


نتيجةً لتكريمك لمن أدرك الحقيقة، وتوسلك إليه، وخدمته، ستتعلّم منه المعرفة.
34


عندما تُدرك المعرفة لن تقع أبداً في مثل هذا الضلال؛ لأنك سترى بذلك كل الكائنات في ذاتك وأيضاً فيّ أنا.
35


حتى وإن كنت أكبر الخطاة، يمكنك أن تعبر بحر الشرّ في زورق المعرفة وحده.
36


كما تحوّل النار الملتهبة الوقود إلى رماد، هكذا تحوّل نار المعرفة كل الأعمال إلى رماد.
37


حقاً، إنه لا يوجد في هذا العالم أي شيء منقّي أكثر من المعرفة. ومن يتقن اليوغا سيدرك ذلك مع الوقت، في داخل ذاته بذاته.
38


يكسب المعرفة مَن يمتلك الإيمان، ومَن يعمل لغاية معينة[8]، ومَن يسيطر على الحواس. وباكتساب المعرفة يصل سريعاً إلى السلام الأسمى.
39


ولكن الإنسان الذي لا يملك المعرفة، ولا يؤمن، ومشكّك في طبيعته، سيهلك. لأن العقل المشكّك ليس له سعادة في هذا العالم ولا في العالم الذي يليه.
40


إن من تخلّى عن العمل باليوغا، ومن تبدّدت شكوكه بالمعرفة، ومن امتلك الذات، هو غير مقيّد بالعمل.
41


لذلك، وبعد أن تجزّ بسيف المعرفة هذا الشكّ المولود من الجهل المغروس في قلبك، وباعتمادك اليوغا سبيلاً، تأهّب للقتال يا بْهاراتا.
42




---------------------------------------------------------------------- ----------




[1] إله النور أي الشمس.


[2] مانو هو أول إنسان


[3] النظام الرباعي هو إمكانية تمازج الغونات مع بعضها البعض في ستة طرق مختلفة:


الساتفا تكون سائدة والرجس تكون ثانوية


الساتفا تكون سائدة والطمس تكون ثانوية


الرجس تكون سائدة والساتفا تكون ثانوية


الرجس تكون سائدة والطمس تكون ثانوية


الطمس تكون سائدة والساتفا تكون ثانوية


الطمس تكون سائدة والرجس تكون ثانوية


لكن التمازج الثاني والخامس لا يمكن أن يتواجدا وذلك للفارق بين طبيعة الساتفا والطمس، لذلك هناك فقط أربعة تمازجات للغونات الثلاثة.






[4] البرهمان هو الواحد الكل، الذي يخلق الكل وهو الكل ويعمل من خلال الكل، من يدرك هذا المستوى من الحقيقة يكتسب وعي البرهمان، وعي الشمولية والكلية.


[5] تقديم الحواس في نيران التحكم تعني أخذ الحواس في الاتجاه الداخلي من أجل اختبار السكون الداخلي الذات الكلية.


[6] تقديم مدركات الحواس في نيران الحواس تعني توجيه الحواس لما هو جيد وجعلها تعمل ما هو صواب.


[7] عدم التورط في العمل يؤدي إلى انخفاض في وظيفة الجسم ما يؤدي إلى انخفاض التنفس وهذا ما يعني تقديم الأنفاس في الأنفاس.


[8] الغاية هي تحقيق الذات الكلية والوصول إلى الإشراق.


+++++++++++++++++++++++++++++++++
الرب يبكي عليكم ودعوكم ياله من بعير
قال الرب المبارك:
2


كيف يقترف هذا العيب في وقت التجربة، رجلٌ شريفٌ مثلك يا أرْجونا؟ إن الرجل القوي لا يعرف اليأس الذي لا يربحه الجنة ولا الأرض.




لا تفقد الشجاعة والرجولة يا بارتا (أرْجونا)، هذا ما لا نتوقعه منك، أُنفض عنك ضعف القلب الرديء هذا، وانتفض مثل النار الذي يحرق كل شيء أمامه.
3


قال أرْجونا:
4


كيف لي أن أُقاتل بْهيشْما ودْرونا بسِهامي في المعركة، وأنا مدين لهما بالوقار والإجلال؟ يا مدْهوسودانا، يا فاتك بالأعداء.




أفضّل أن أعيش متسوّلاً القوت في هذا العالم على أن أقتل، طمعاً بمملكتي، أسيادي الذين هم معلّميّ القديسين، وأغنم بعد ذلك ملذّات ملطّخة بدمائهم في هذا العالم.
5


نحن لا نعرف ما هو الأفضل لنا: إذا نحن انتصارنا عليهم أم هم انتصروا علينا. إذا قتلنا أبناء دْهْريتارشْتْرا وهم واقفون في مواجهتنا، يجب أن لا نتمنى أن نعيش بعد موتهم؟
6


إن طبيعتي قد أصابها ضعف الشفقة، وعقلي مرتبك بواجب الدْهرْما[2]. أتوسّل إليك قل لي، وبشكل قاطع، ما هو الأفضل، أنا تلميذك ألتجئ إليك علّمني.
7


حقاً أقول أني لا أجد ما قد يمسح عني هذا الحزن الذي أَذبل حواسي. لا في مملكة الأرض ولا في مملكة الآلهة.
8


قال سَنْجايا:
9


بعد أن قال كوداكيشا[3] المحارب الكبير هذا الكلام لهْريشيكيشا[4]، قال لِغوفينْدا[5] " لن أُحارب" ووقع ساكناً.




إليه، يا بهاراتا، دهريتارشتريا، وفي وسط الجيشين، وبابتسامة على وجهه تكلم كْريشْنا إلى أرْجونا قائلاً:
10


قال الرب المبارك:
11


أنت تحزن وتبكي على أولئك الذين يجب أن لا تحزن عليهم، هل بهذه الطريقة يتكلم الحكماء؟ الحكماء لا يحزنون على الموتى ولا على الأحياء. إن الموت والحياة كلاهما زائلان.




لم يكن زمن لم نكن أنا وأنت وهؤلاء الملوك جميعاً فيه موجودين، ولن يأتي زمن لن نكون فيه، نحن جميعاً باقون باستمرار واستمرار.
12


كما المقيم في الجسد الفاني[6] يمرّ بالطفولة والشباب والشيخوخة، كذلك يمرّ في جسدٍ آخر. ولا يضطرب الحكماء لهذا.
13


باحتكاك الحواس مع مدركاتها، يا أرْجونا ابن كونتي، نشعر بالبرد والحر، باللذة والألم. كل هذه الأحاسيس تأتي وتذهب، إن مصيرها الزوال. كن صبوراً في تحمل ذلك يا أرْجونا يا بْهاراتا العظيم.
14


إن الرجل الحكيم هو الذي لا تضلّله مدرَكات الحواس[7]، عقله يتساوى في السرور والألم، ثابتٌ، يستحق الخلود، يا أفضل الرجال.
15


ليس لغير الحقيقي كيان، والحقيقي موجودٌ أبداً بلا انقطاع. هذه الحقيقة الساطعة يدركها الذين رأوا الحقيقة المطلقة.
16


تأكد أن ذلك الذي هو فوق الفناء، الذي به كل شيء موجود. ولن يقوى أحدٌ أن يدمّر هذا الكائن الخالد الوجود.
17


من المعروف أن هذه الأجساد فانية؛ أما المقيم فيها فهو أبدي، خالد، سرمدي. لذلك قُم وحارب، يا أيها المحارب الكبير.
18


من يعتقد أن المقيم في الجسد هو القاتل، أو أنه هو المقتول، كلاهما لا يدركان الحقيقة. إنه ليس بقاتل ولا بمقتول.
19


إنه لم يولد، ولن يموت. إنه الأبدية، موجود على مر الدهور. غير مولود وأبدي، وراء الزمان الغابر والزمان الآتي، ولا يموت بموت الجسد.
20


من يعرف أنه (الروح) لا يفنى، وأنه أبدي غير مولود ولا يموت، كيف يمكن لمن يعلم هذا، يا بارْتا (أرْجونا)، أن يقتل أو أن يدفع غيره للقتل؟
21


كما يلقي الإنسان ثيابه القديمة البالية ويرتدي ثياباً جديدة، هكذا يلقي المقيم في الجسد عنه الجسد الميت ويتقمّص جسداً جديداً.
22


السلاح لا يخترقه (المقيم في الجسد، الروح)، ولا النار تحرقه؛ الماء لا تبلّله ولا الريح تجفّفه.
23


إنه لا يُخْرق؛ ولا يكمن أن يَحْترق؛ ولا يمكن أن يتبلّل؛ ولا حتى أن يجفّ. إنه أبدي، حاضرٌ دوماً، ثابتٌ وغير متبدل، دائماً هو هو.
24


يُعَرَّف عنه أنه غير ظاهر للعيان، غامض، وغير متبدل؛ وبمعرفتك له بهذه الصفات، عليك أن لا تحزن.
25


حتى ولو اعتقدت أنه يولد ويموت باستمرار، وبالرغم من ذلك، أيها المسلّح الجبار، عليك أن لا تحزن هكذا.
26


من المؤكد إن الموت لمن يولد، والولادة لمن يموت؛ وأمام هذا الأمر الواقع، عليك أن لا تحزن.
27


المخلوقات هي غير ظاهرة في البداية (قبل الولادة)، وتظهر في الوسط (خلال فترة الحياة) وتعود غير ظاهرة في النهاية (بعد الموت) يا بْهاراتا (أرْجونا). ما هو المحزن في ذلك؟
28


البعض يرى المقيم فينا لغزاً، وآخر يتكلم عنه كلغزٍ، وآخر يسمع عنه كلغزٍ. وبالرغم من النظر والكلام والسمع البعض منهم لا يفهمه.
29


إن من يقيم في جسد كل فرد هو أبدي وحصين ومتعذرٌ أذيته، يا بْهاراتا (أرْجونا)؛ لذلك عليك أن لا تحزن من أجل أي مخلوق مهما كان.
30


وإذا أخذنا بعين الاعتبار الدْهرْما[8]، عليك أن لا تتردّد، لأن الكْشاتْريا[9] لا يجد أفضل من أن يحارب في معركة متوافقة مع الدْهرْما.
31


سعداء هم الكْشاتْريا، يا بارْتا (أرْجونا) الذين يجدون، ودون أي جهد، معركة مثل هذه، إنها باب مفتوح إلى الجنة[10].
32


ولكن بانسحابك الآن من هذه المعركة المتوافقة مع الدْهرْما، تكون قد تخلّيت عن الدْهرْما عن واجبك المقدّس وعن شهرتك وشرفك، وتكون قد اقترفت الخطيئة.
33


وسينعتك الناس بهذا العار الآن وبعد حين، إن ضياع الشهرة والشرف للرجل الشريف هما أسوأ من الموت.
34


سيعتقد المحاربون الكبار أنك هربت خوفاً من المعركة، وأولئك الذين ينظرون إليك بالإكبار سيستصغرونك.
35


سيذلُّك أعدائك بكلمات شنيعة وسيستهزئون بقوتك. أيوجد أي شيء مؤلم لك أكثر من هذا؟
36


باستشهادك، ستدخل الجنة؛ وبانتصارك مجدك في الأرض. لذلك قُم يا ابن كونتي، وتأهب للحرب.
37


تقبّل التساوي بين اللذة والألم ، بين الربح والخسارة، بين النصر والهزيمة، وانطلق للقتال. وبذلك لن تقترف أي خطيئة.
38


إن ما عرضته عليك هو معروف بمصطلحات السانكيا[11]. أصغِ الآن إلى مصطلحات اليوغا. إذا ما توطّد عقلك من خلال ممارستها ستتحرّر من قيود العمل، يا برتا يا أرْجونا.
39


في طريق اليوغا لا يضيع أي جهد ولا يوجد أي عقبة. حتى التقدّم القليل فيه يريح من خوفٍ كبير.
40


من تتبعَ طريق اليوغا، يا فرح الكوريين، (أرْجونا)، يكون عقله متجهاً نحو الهدف، ولكن من لم يتبع هذا الطريق يكون عقله مشتتاً ومشعباً ومتعدداً بلا نهاية.
41


إن قصيري النظر، المنهمكون والمتعلقون في أدب الفيدا، يصرحون إنه لا يوجد أفضل منها، ويتباهون ويبالغون.
42


ممتلئون بالرغبات، هدفهم دخول الجنة، يدّعون أن إعادة الولادة هي مكافأة لأعمالهم ويتكلمون عن عدة ممارسات وطرق خاصة للتوصل إلى التمتع والقدرة.
43


إن حالة تصميم العقل لن تكون في عقول هؤلاء المتمسكّين بتشبث في المتعة والقوة، هم مقيّدون في إتباع كلامهم، ولا يوجد عندهم التصميم كي يكونوا واحداً مع الأحد.
44


تتكلم الفيدا عن الغونات الثلاثة[12]، كن دون الغونات الثلاثة، يا أرْجونا، متحرّراً من الازدواجية، كن مع الحقيقة الأبدية، بعيداً عن التملّك، ممتلكاً للذات الكلية.
45


مثل الذي يستعمل بئر ماء صغير في وسط ينابيعٍ تتدفق في كل مكان، هكذا تصبح الفيدا للبراهماني[13] الذي أدرك الإشراق والنور.
46


أنت تستطيع أن تتحكّم بالعمل فقط وليس بنتائجه. لا تعيش من أجل ثمار أعمالك، ولا تتوقف عن القيام بواجبك وعملك.
47


أثبت في اليوغا، يا غانم الثروة، (أرْجونا) وأدّي عملك بعد أن تتخلص من التعلّق، وكن متساوياً في النجاح والفشل، لأن تساوي العقل يسمى يوغا.
48


إن العمل المنجز من أجل المكافأة هو بعيد جداً عن تساوي العقل، يا غانم الثروة. الجأ إلى حكمة العقل. إنهم يستحقون الشفقة أولئك الذين يعملون من أجل ثمار أعمالهم.
49


مَن اتحد عقله مع الذات، يتخلص من الخير والشر معاً[14]. لذلك كرّس نفسك لليوغا. إن اليوغا هي مهارة في العمل.
50


بتنكرهم لثمار أعمالهم وبتحرّرهم من روابط الولادة، يصل الحكماء المتوحدين مع الذات إلى حالة خالية من المعاناة، إلى مقعد الخلاص.
51


عندما يتجاوز عقلك مستنقع الضلال والوهم، عندئذٍ ستكسب صفة اللامبالي لكل ما سُمع وكل ما قد يُسمع.
52


عندما يثبت عقلك ويتوقف ارتباكه في نصوص الفيدا، ويثبت في الذات الكلية، عندئذٍ تصل إلى هدف اليوغا.
53


قال أرْجونا:
54


ما هي الدلائل التي تشير إلى رجلٍ ثابت العقل، منجذب إلى الذات يا كيشافا (كْريشْنا)؟ كيف يتكلم؟ كيف يجلس؟ وكيف يمشي؟




قال السيد كْريشْنا المبارك:
55


عندما يبعد الإنسان عن كل الرغبات التي تغلغلت في العقل، وعندما يفرح بالذات من الذات فقط، عندئذ يقال عنه ثابت العقل.




إن من لا يضطرب عقله وسط الأحزان، ومن يتحرّر من التشوّق وسط الرغبات والملذات، من رحلت عنه صفات التعلّق والخوف والغضب، هو من يسمى حكيماً ثابت العقل.
56


إن من ليس له ارتباط بأي شيء، من لا يفرح أو لا يحزن من الحظ الجيد أو الحظ السيئ، يكون عقله ثابتاً.
57


من يسحب حواسه من التعلّق بملذّات ما تُدرك، كما تسحب السلحفاة أطرافها إلى داخل الصدفة من كل الجهات، يكون عقله ثابتاً.
58


تبتعد مدرَكات الحواس عن من لا ينمّيها، ولكن تذوّقها يبقى ويستمر، أما عند مشاهدة الأسمى فسيذوب هذا التذوّق.
59


تجرّ الحواس المضطربة العقل معها بالقوة، يا ابن كونتي، حتى ولو كان الرجل حكيم ينشد الاكتمال.
60


وبعد كبح جماح الحواس جميعها، دعه يجلس متوحداً مثبتاً وعيه عليّ كالأسمى؛ لأن من أخضع حواسه هو ثابت العقل.
61


وبالتفكير في مدرَكات الحواس، يُنمي الإنسان تعلّقه بها؛ ومن التعلّق تنبع الرغبة، والشهوة، وهذا ما يُنمي الغضب.
62


من الغضب يأتي الضلال؛ ومن الضلال ضياع الذاكرة ونسيان الواجب؛ وضياع الذاكرة يهدم منطق العقل، وبضياع منطق العقل يهلك الإنسان.
63


ولكن من هو ذاتي التهذيب، من يتنقّل بين مدرَكات الحواس، متحرراً من التعلّق بها ومن الكره لها وضابطاً لها، يلقى النعمة ويستريح في السكون.
64


في نعمة السكون يجد نهاية لكل أحزانه. وبالتأكيد سيصبح عقل الإنسان ذو الوعي التجاوزي المتطور، ثابتاً بحزم.
65


إن من لم يثبت بالعقل بعيداً عن الوعي التجاوزي، لا يوجد عنده منطق عقلي ولا أي فكر ثابت[15]. والإنسان دون فكر ثابت لن يجد الراحة والسلام؛ ومن دون الراحة والسلام هل من الممكن أن ننعم بالسعادة؟
66


عندما تقود الحواس المضطربة عقل الإنسان، ينجرف منطق عقله بها، كما تتلاعب الرياح بالسفينة في الماء.
67


لذلك إن من ابتعدت كل حواسه عن مدركاتها، يا أيها المسلّح الجبار، يكون ثابت العقل.
68


في حلول ظلمة الليل على كل الكائنات، هناك يصحو القادر على ضبط الذات. وصحوة الكائنات بالحواس هي ظلمة الجهل للحكيم الذي أدرك الحقيقة.
69


عندما تأتيه الرغبات كما تدخل مياه الأنهار إلى البحر الثابت الذي لا يطوف بها أبداً، يحقّق الرجل الحكيم السلام، ولن يستطيع تحقيق ذلك من يتعلّق بالرغبات.
70


عندما يعمل الإنسان دون تشوّق، ومتخلّياً عن كل الرغبات، ومبتعداً عن الشعور بالأنا والتملك، يصل إلى السلام.
71


هذه هي حالة البْرَهْمان[16]، يا باترا، يا أرْجونا، وبتحقيقها لا يضلّل الإنسان. و بالتثبّت بها، حتى وفي اللحظة الأخيرة، يستطيع الإنسان أن يصل إلى نيرفانا البْرَهْمان[17].
72




---------------------------------------------------------------------- ----------




[1] لقب لكريشنا يعني المتغلب على الشيطان مادهو.


[2] الواجب الصحيح في الحياة


[3] أرْجونا المتحكم بالنوم والخمول


[4] لقب للسيد كْريشْنا


[5] لقب آخر للسيد كْريشْنا


[6] المقيم في الجسم هو الروح


[7] يدرك الإنسان العالم حوله بواسطة حواسه الخمسة التي تعكس ما تدركه على العقل ومنها تنشأ الرغبة والتعلق.


[8] الدهرما تعني الواجب في الحياة


[9] الكشاتريا تعني الحكام والمحاربين وأرجونا هو من هذه الطبقة


[10] المعتقد السائد هو أنه إذا استشهد الكْشاتريا في المعركة يكسب الجنة


[11] السانكيا هي إحدى فروع الفلسفة الهندية وتعتمد السانكيا على تعداد الأجزاء، إن معرفة أجزاء موضوع معين تؤدي إلى معرفة الموضوع بكامله، وهكذا في الأبيات السابقة كان الشرح متمحوراً على كشف وجود الروح أو الذات الكلية السامية وتبيان صفاتها.


[12] الغونات الثلاثة هي الصفات الثلاثة المسيرة لكل شيء والموجودة في كل شيء في الطبيعة، وهي: ساتفا تعني السمو، ورجس تعني التفاعل، وطمس تعني الخمول.


[13] البراهماني هو من طبقة البرهمان وهم يكرسون حياتهم في حفظ ودراسة الفيدا.


[14] عندما يثبت العقل ويتحد مع الذات ويكسب حالة الوعي الصافي يصبح كل عمل يقوم به منسجماً مع قوانين الطبيعة المجردة والتطورية التي لا تصنف بالخير أو الشر.


[15] الفكر الثابت هو الفكر الذي لا يتفاعل، خلال التأمل يدخل العقل في اختبار المستويات المرهفة للفكر، فيصبح أكثر تماسكاً وأكثر ثباتاً، ويختبر حالة الفكر الثابت.


[16] حالة البرهمان هي الحالة الأسمى للوعي بالشمولية والكلية، الوعي الأحادي، ويكتسبها الإنسان الذي ثبت عقله بالذات الكلية والذي تجاوز وعيه كافة مدركات الحواس وأدرك أن ذاته هي ذات كل الكائنات، فيعيش السكون والسلام الداخلي في وسط النشاط اليومي وبذلك يبقى صافياً نقياً غير متورط بكل ما يقوم به.


[17] نيرْفانا تعني التحرّر الأبدي، ونيرفانا البْرَهْمان تعني حالة الوعي في الشمولية بالتحرّر الأبدي، وهي أسمى حالات الوعي التي يصل إليها الإنسان والتي تُشبّه بالحياة الإلهية.


النص الاصلي
بقلم المستشار

No comments:

Post a Comment