Saturday, January 15, 2011

البحث عن ابراهيم وانبياء بني اسرائيل الاوائل

البحث عن ابراهيم وانبياء بني اسرائيل الاوائل

لماذا هذا الموضوع ؟في اعتقادي ان الديانات التوحيديه الثلاثه الا وهي اليهوديه والمسيحيه والاسلام ماهي الا ديانات تعتمدعلى ذات مجموعه الاساطير التي انتشرت في هذه المنطقه رغم اختلاف في بعض التفاصيل هنا وهناك ورغم ادعاء اتباع هذه الديانات بان الحقيقه المطلقه تقف الى جانب المدعي وان الخطأ عند الاخرفأن هذا الادعاء ما هو الا ادعاء فارغ ،وباستعراض بعض الابحاث الجديده التي نشرت في السنوات القليله الماضيه عن تاريخ انبياء بني اسرائيل وخصوصا الاباء الاوائل واقصد بهم ابراهيم واسحاق ويعقوب ومدى امكانيه اثبات وجودهم كحقيقه تاريخيه ،حيث ان مثل هذا الاثبات الاريكولوجي سيكون في صالح هذه الاديان اما اذا لم يثبت وجود اي من هؤلاء الاشخاص الى درجه معقوله فهذا يعني وبالنتيجه ان الكتب الدينيه التي ادعت لنفسها الحق المطلق وبانها كلام الرب او الله سمه كما تشاء ليست سوى تجميع لاساطير من ثقافات الشعوب .وفي ذلك لايختلف لدي القران عن التوراه او الاناجيل .
هذا العرض ادناه جزا ملخص من كتاب

the bible unearthed

by :Israel finkelstein and
neil asher silberman

ويبدا الؤلف باستعراض قصه ابراهيم كما وردت في التوراه:

في البدا كانت هناك عائله واحده تحتفظ بعلاقه خاصه مع الرب ومع الزمن تحولت هذه العائله الى شعب اسرائيل ،اول اباء بني اسرائيل بل اب كل بني اسرائيل هو ابراهيم ووفق سفر التكوين فان ابراهيم في الاصل من سكنه اور في جنوب العراق -ذي قار الحاليه-- وهاجر مع عائلته الى حران في شمال الفرات وهناك في حران ظهر له الرب وأمره بان يترك اباه وعشيرته وياخذ زوجته الى ارض سيورثها له ولابنأوه من بعد لانه كان مخلصا ومؤمنا اطاع ابرام ربه حيث كان هذا اسمه واصطحب ساراي وابن عمه لوط وغادر الى ارض كنعان .ظل ابرام فتره يتنقل مع عائلته وقطعانه بين المنطقه الوسطى المرتفعه من كنعان سيخام في الشمال وبيت ايل قرب القدس الحاليه والخليل ووصل في تجواله الى النقب جنوبا .
في فتره بداوته هذه بنى ابراهيم العديد من المذابح شكرا للرب على ما منحه من حظوه ومع مرور الزمن اكتشف ابرام ما سخبيء الزمن لمستقبله حيث وعده الرب بان الارض التي ستكون بين النيل والفرات ارضا لاابراهيم ولنسله فيما بعد ،وهنا غير الرب اسمه الى ابراهيم والتي تعني في العبريه اب لكثير من البشر وغير اسم ساراي الى ساره .وستكون حسب هذه القصه كل قبائل المنطقه من سلاله ابراهيم .
خلال فتره اقامتهم هذه في كنعان بدا رعاه قطعان ابراهيم بالشجار مع رعاه ابن عمه لوط لذا فقد امر الرب لوطا بان يغادر الى منطقه عبر نهر الاردن اتجاه شرق وادي نهر الاردن وشمالي البحر الميت وسكن منطقه سدوم وعموره .وبعد ان عاقب الرب سدوم وعموره وابادهم نجا لوط وبناته وذهب الى منطقه اخرى واصبح ابا للمؤابيين والامونيين .
وحيث ان ابراهيم لم يرزق من زوجته ساره التي اصبح عمرها تسعون عاما فقد اقترحت عليه ان يتزوج الجاربه المصريه هاجر وولدته ولدا اسماه الرب اسماعيل --- اسمع ايل --- وتعني الذي استمع الرب واصبح اسماعيل ابا للعرب الذين كانوا يقطنون الباديه .ومن اهم الاحداث في قصه ابراهيم هي البشاره التي بشر بها ابراهيم وولدت له ساره ذات التسعون عاما بولد اسمياه بناء على امر الرب اسحاق --الذي ضحك--- حيث ان ساره ضحكت لما سمعت البشاره .ومن اقوى الصور في التوراه اللحظه التي امتحن بها ابراهيم بذبح اسحاق تنفيذا لامر الرب والذي تدخل في اللحظه الاخيره واوقف عمليه الذبح وكافيء ابراهيم على ايمانه بان جدد العهد معه .
كان هذا بشكل عام مختصر قصه ابراهيم كما وردت في التوراه والملاحظ ان هناك بعض الاختلافات في نص القصه عنه في القران ،الا ان القصه تشابه الى حد ما ما ورد في المدراشا .وبشكل عام نستطيع ان نقول ان الخطوط العامه للقصه متشابه الى درجه معقوله .

ولكن ما يهمنا هنا هو السؤال الملح وهو هل هناك في التاريخ المسجل لهذه المنطقه ما يشيرالى وجود شخص يدعى ابراهيم يكون قد مر بكل هذه الاحداث المثيره ؟ وهل هناك رقم طيني او اي شيء يشير الى وجود ابراهيم واسحاق واسماعيل ؟

ان المسأله الرئيسيه التي تواجه اي عالم اركيولوجي او اي دارس لتاريخ الشرق الادنى وشعوبه هي محاوله تحديد الفتره الزمنيه المتوقعه لحصول حدث ما ،ان دارسي التوراه للمائه عام الاخيره كانوا مقتنعين الى درجه ما بان قصه ابراهيم والاباء الاوائل هي حدث تاريخي ولو بخطوطه العامه ،وحسبما لاحظ هؤلاء العلماء فان حياه ابراهيم تقترب في مرحله ما من اسلوب حياه البدو ،ومماساعد على ترسيخ هذا الاعتقاد ان الكثير من قصص التوراه تذكر مدى غنى القبائل والاشخاص بعدد الاغنام او الحيوانات التي يملكونها كما ورد في تكوين 30:30-43 و 21:25-33 وهذا لايزال ديدن البدو حتى الان ،كذلك يرد في التوراه ذكر النزاعات القبليه على مصادر المياه مع الفلاحين القاطنين في نفس المناطق التي يرتادها البدو ورعاه الغنم تكوين 13:15-12 ، وأ ضافه الى ذلك يرد ذكر بعض المناطق في بلاد مابين النهرين وسوريا مثل اور وحران حيث تدور احداث قصه ابراهيم والاباء الاولين مما عزز قناعه الباحثين في مطلع القرن العشرين بان هناك احتمال كبير ان تكون هذه القصص جزأ من تاريخ حقيقي للمنطقه. ولكننا اذا نظرنا الى خلفيه هؤلاء الاثاريين والمنقبيين نجدهم ممن تتلمذوا في المدارس المسيحيه وان الكثير منهم هم من علماء اللاهوت لذا فقد كانت تحدوهم رغبه قويه لاثبات حقيقه التاريخ التوراتي وكانوا مقتنعين بان الرب قد اعطى وعده الى ابراهيم وابنائه من بعد ان يكونوا الورثه الشرعيين لهذه الارض وان هذا الحق الشرعي الذي اعطي الى اليهود قد انتقل الى المسيحين باعتبارهم استمرار وورثه الديانه اليهوديه،وان مثل هذا الوعد الحقيقي يتطلب وجود شعب حقيقي ولم يكن بامكان هؤلاء العلماء ان يتخيلوا حتى في اسؤا احلامهم ان تكون هذه القصص نتيجه لقلم كاهن ما في زمن متاخر ، وكما قال الاب الدومنيكاني وعالم الاثار رولاند دي فوكس :ان لم نجد اي اثبات لتاريخيه ديانه بني اسرائيل فان ديانتنا ستكون بلاجدوى.
ومع ازياد حملات التنقيب في العراق وفلسطين زاد الاعتقاد بان التاريخ الوارد في التوراه وان لم يثبت حدوثه وان يكون قد كتب في فتره متاخره الاوهي فتره الممالك المتحده الاانها انعكاس لحقيقه تاريخيه .
وفي الحقيقه فان التوراه زودت الدارس بكثير من المعلومات التي تساعد في تحديد زمن معين عاش فيه ابراهيم والاباء الاوائل وحتى الهجره الى مصر ومن ثم الخروج بقياده موسى والتيه في الصحراء وزودت التوراه الباحث بمفاتيح لحساب التاريخ الحقيقي لوقوع هذه الاحداث نواحده من اهم هذه المفاتيح ماورد في ملوك 6:1 من ان الخروج من مصر حدث قبل 480 سنه من بناء هيكل سليمان الذي كان البناء قد ابتدأ به في العام الرابع من حكم سليمان،اضافه لذلك فان خروج 12:40 يقول ان الاسرائيلين تحملوا 430 عاما من العبوديه في مصر قبل الخروج.وبأضافه 200 عام اخرى هي مانعتقد انها حياه الاباء الاؤائل في كنعان قبل الهجره الى مصر فستكون فتره حياه الاباء وابراهيم قريبه من 2100 قبل عصرنا الحالي .
من الطبيعي ان مشاكل عديده واجهت الباحثين لتحديد واعاده بناء تاريخ ابراهيم والاباء ومنها العمر الطويل الذي عاشه ابراهيم واسحاق ويعقوب اذ تجاوز عمر كل منهم المائه عام وان متابعه احياه ابناء يعقوب اثبتت هي الاخرى انها لاتخلو من اشكالات ان لم تكن متناقضه تماما .فمن المفترض ان يكون موسى وهارون من الجيل الرابع من ابن يعقوب لاوي او ليفي بينما يوشع والذي كان معاصرا لموسى وهارون من الجيل الثاني عشر ليوسف وهذا التناقض ليس مما يمكن تجاوزه او التغاضي عنه بسهوله.
ودفع الاعتقاد المسبق لدى بعض الباحثين وعلى راسهم الامريكي البرايت الى الافتراض بان ماورد في التوراه من عناصر الحياه الاجتماعيه كتقاليد الزواج غير الاعتياديه واسماء بعض الامكان الوارده في سفر التكوين من الممكن ان تشير الى عادات سادت في بلاد مابين النهرين خلال فتره الالف الثاني قبل عصرنا الحالي ، وقد وصفت حياه ابراهيم بالبدويه حيث كان يتنقل بقطعانه بين سيخام والخليل وبئر السبع لذا بدأ اولبرايت وزملاؤه عن ادله تثبت وجود نمط الحياه البدويه والتي كان من المفروض وحسب نظريته ان تكون قد سادت في بلاد مابين النهرين في الفتره الزمنيه 2000 قبل عصرنا الحالي
ولكن البحث لم يسفر عن شيء وفشل الاثاريون بايجاد اي شيء يثبت ذلك ،وكذلك لم يستطع الاثاريون ان يجدوا مايثبت وجود هجره كثيفه لمجاميع بشريه من بلاد مابين النهرين الى كنعان والتي دعيت بالهجره الاموريه والتي افترض اولبرايت انها تمثل الفتره الزمنيه التي وصل بها ابراهيم وقبيلته الى كنعان .واثبتت الابحاث بان ذلك خيال محض ليس له اي مصداقيه بل وان الابحاث الاثريه ناقضت ذلك تماما حيث لم تشهد تلك اي تحرك او هجره سكانيه مفاجئه .اما التشابه الذي افترضه اولبرايت بين قوانين وعادات مجتمع مابين النهرين والعادات التي عاش بها ابراهيم والاباء الاوائل ينطبق تقريبا على كل الفترات الزمنيه المحتمله للحياه الاجتماعيه حتى عصور متاخره عن العصر الذي من المفروض ان يكون قد عش به ابراهيم ، اما وصف التوراه لحياه ابراهيم والاباء الاوائل فهو من العموميه الى درجه انه يصح ان يكون وصفا لاي فتره من تاريخ الشرق الادنى

ومحاوله دي فاوكس وضع تاريخ ابراهيم والاباء في فتره العصر البرونزي 2000-1500 قبل عصرنا الحالي لم تزد الطين الا بله ومحاوله الاثاريين سبايسر وغوردون لمطابقه ما وجد من الواح في منطقه نوزي في شمال العراق مع تاريخ الاباء الاوائل في بدايه العصر الحديدي قد فشلت هي الاخرى في ايجاد اي علاقه بين التاريخين والحوادث المذكوره.
لقد نجحت هذه المؤسسه من الاثاريين فقط في خلق حاله مائعه وتوفيقيه فاشله لربط كل هذه الاكتشافات بالتاريخ الرسمي لاسرائيل .وتكمن المشكله الرئيسيه في طريقه اولئك المؤرخين انهم قد اعتبروا ان التاريخ المذكور في التوراه هو تاريخ يمكن الاعتماد عليه كحقيقه تاريخيه ،وان الاباء الاوائل هم بطريقه ما بدايه تاريخ اسرائيل.
كان من اوائل النقاد الجادين للنص التوراتي والذي اصر على ان سيره الاباء الاوائل كتبت في عصر متاخر وتحديدا خلال فتره الممالك المتحده مابين القرن الثامن والعاشر قبل عصرنا الحالي او في فتره اكثرتاخرا لفتره مابعد السبي البابلي او قبله –القرن السادس او الخامس ق.ع.ح. -- كان الالماني جوليوس ويلهاوزن والذي قال ان سيره الاباء الاوائل ماهي الا انعكاس لهموم وحاجه الاسرائيلين في مرحله الممالك المتحده المتأخره وذلك باسقاط حياتهم وربطها بتاريخ اباء اسطوريين مبنيه على اساطير وخرافات ،وانه يمكن اعتبار القصص التوراتيه بمثابه الاسطوره القوميه والتي ليس لها وجود تاريخي حقيقي شأنها بذاك شأن اساطير الياذه هوميروس ورحلات اوديسيس وملحمه بناء روما كما ابتدعها فرجيل .

وفي عقود لاحقه تحدى كل من علماء التوراه جون فان سيترز وتوماس ثومبسون بشكل متزايد مكان يعتقد انها ادله اريكولوجيه تثبت صحه سيرالاباءالاوائل وتعزز وجودهم التاريخي بل انهم الى انه حتى في حاله ان النصوص قد عكست سيرا او حوادث قديمه فان الاختيار والترتيب قد تم انجازه بفتره متأخره .
ولكن متى تم الانتهاء من جمع هذه النصوص ؟ وهنا يقدم النص التوراتي ايضا مفاتيح لفك هذه الشفره، ويمنح امكانيه حساب واقعي للزمن الذي انتهى به جمع هذه السير واقصص ووضعها كتابه.
خذ على سيبل المثال ذكر الجمال فقصص ابراهيم والاباء حافله بذكر الجمال وكما هو مذكور في قصه يوسف تكوين 37:25 كحيوانات للاحمال واستخدامه في السفر الطويل والتجاره وذلك عند بيع يوسف الى التجار .فنحن نعلم الان بواسطه الابحاث والحفريات الاركيولوجيه بان الجمال لم تدجن وتستخدم كحيوانات لحمل الاسفار لغرض التجاره الا في نهايه الالف الثاني ق.ع.ح. ،وأنها لم تستخدم بشكل واسع في الشرق الادنى الا في فتره متأخره من الالف الاول ق.ع.ح.، وما يؤكد ذلك ماورد في قصه يوسف من ان القافله كانت تحمل كثيراءووبلسان ولاذنا –تكوين 37-25 – وهذا وصف دقيق لمنتجات رئيسيه كانت تحملها قوافل التجار العرب تحت رعايه الامبراطوريه الاشوريه في فتره القرن السابع – الثامن ق.ع.ح. كما وأثبتت الحفريات الاخيره في منطقه تل جيمه في منطقه الساحل الجنوبي لاسرائيل والتي تعتبر معبر الدخول الرئيسي الذي كان يربط تجاره الجزيره العربيه مع البحر الابيض المتوسط ،اثبتت هذه الحفريات وجود كميات دراماتيكيه من عظام وهياكل عظميه لجمال واغلب هذه الهياكل العظميه كانت لجمال بالغه ،مما يؤكد انها لحيوانات قادمه مع قوافل تجاريه وليست من الحيوانات المرباه محليا .وفي هذه الفتره بالذات اي مابين القرن السابع – الثامن تصف المصادر الاشوريه الجمال كحيوانات للسفر والتجاره عبر الصحراء ،وفي تلك الفتره تحديدا اصبحت الجمال سمه ملازمه للقوافل التجاريه وترتبط دائمابأسلوب و سمات الحياه في الصحراء وليس قبل ذلك .
وهناك ايضا موضوع الفلسطينيون حيث يرد ذكرهم في مواجهه اسحاق مع ملك الفلسطسنيون –ابي مالك—في مدينه جيرار –تكوين 26:1 – فالفلسيطينيون والذين هم مجموعه من المهاجرين من بحر ايجه او مناطق شرق البحر الابيض المتوسط لم يبدؤا بالاستيطان وببناء مستوطناتهم على ساحل كنعان قبل 1200 ق.ع.ح. وازدهرت مدنهم في القرن العاشر والحادي عشر واستمرت سيطرتهم على الساحل فتره طويله واثناء العصر الاشوري .
ان ذكر مدينه جيرار كمدينه فلسطينيه في سيره اسحاق وذكر هذه المدينه في قصه ابراهيم بدون ذكر للفلسطينين تكوين 20:1 يؤكد الاعتقاد ان للمدينه اهميه خاصه وانها بألتأكيد مدينه مزدهره ومعروفه .
وموقع جيرار قد يرتبط اليوم بمدينه تل حارور الى الشمال الغربي من مدينه بئر السبع ،وقد بينت الحفريات الاريكولوجيه التي اجريت هناك انه وخلال العصر الحديدي الاول الذي يمثل المراحل الاولى المؤكده اريكولوجيا من تاريخ الاستيطان الفلسطيني في المنطقه ،وأثبتت الحفريات وأللقى الاثريه ان هذه المدينه والتي كان يحكمها ملك ولعبت دورا متميزا في سيره الاباء الاوائل ليست سوى قريه صغيره ليست بهذه الاهميه في الفتره التي من المفترض ان الاباء الاوائل قد عاشوها.
ولكن الحفريات اثبتت ان هذه المدينه وفي القرن الثامن— السابع قد تحولت الى مدينه مزدهره ومحصنه وباداره اشوريه تحتل موقعا محصنا الى الجنوب من هذه المدينه .

فهل تكون هذه هذه التفاصيل قد اضيفت الىقصص اقدم منها ؟او ان قصص الاباء وحياتهم في هذه المدينه ماهو الا تأليف متأخر؟
يميل العديد من الباحثين وخصوصا اولئك الذين يعتقدون بصحه تاريخ الاباء الاوائل الى اعتبار هذه الاشارات اضافات حصلت صدفه على نص اقدم منها .
ولكن وكما يشير توماس تومبسون في عام 1970 ان هذه الاشارات المميزه الى هذه المدن والاقوام القاطنه بها وحولها هي م يميز قصص الاباء الاوائل عما غيرها من القصص الاسطوريه والملاحم التقليديه للشعوب ،لذا فأن هذه الاشارات مهمه الى درجه كبيره في تحديد تاريخ النص التوراتي ،ولايمكن اعتبارها مجرد مصادفات او مدخلات عشوائيه لنص اقدم منها ،وهي اهم بكثير من البحث عن بدويين خيالين أو ألاغراق في حسابات رياضيه معقده لحساب عمر الاباء الاوائل.
لذا فأن الجمال ،البضائع العربيه ،الفلسطينين وجيرار الوارد ذكرها في سفر التكوين مهمه الى درجه كبيره ،وكل هذه الاشارات تشير وبوضوح الى ان تأريخ تأليف قصص الاباء الاوائل يعود الى عصر متأخر بأكثر من الف عام عن التاريخ الذي تعود الناس قبوله




لقد بدا كنتيجه لتحليل سير حياه الاباء الاوائل المفترضه ان كثير من شعوب هذه المنطقه قد تكونت نتيجه لزواجات وعلاقات عائليه وهذه القصص تعطي صوره ملونه للخريطه الشريه للشرق القديم من وجهه نظر مملكه اسرائيل ومملكه يهودا في القرن الثامن – السابع ق.ع.ح. وتوفر هذه القصص رؤيه معقده للعلاقات السياسيه في هذه المنطقه في العصر الاشوري والبابلي الجديد.ليس فقط اسماء هذه المناطق المذكوره في النص التوراتي متطابقه مع ماوجد منها في تلك الفتره ،بل وتاريخها الاثني وعاداتها وتقاليدها .
ولنبدأ بالاراميين الذين احتلوا جزأ كبير من سيره يعقوب بزواجه من ليا وراشيل وعلاقته مع عمه لابان .علما انه لايرد للاراميين اي ذكر كمجموعه بشريه متميزه في الالواح الطينيه قبل 1100ق.ع.ح. واصبحوا قوه مهيمنه على منطقه الحدود الشماليه للسرائيلين في بدايات القرن التاسع ق.ع.ح.وظهرت عده ممالك على معظم اراضي سوريا الحاليه .وبين هذه اللالك مملكه ارام- دمشق التي كانت حينا حليف ،ومرات اخرى منافس لمملكه اسرائيل في صراعهم للسيطره على المناطق الزراعيه الخصبه التي تقع مابين مراكز هاتين المملكتين في اعلى وادي نهر الاردن والجليل .وفي الحقيه فان ميتافور الصراع او العلاقه بين يعقوب ولابان تعبر وبوضوح عن العلاقه غير المستقره بين مملكني ارام واسرائيل لقرون عديده.ورغما عن اته ولفترات طويله كانت هناك منافسه تصل الى حد النزاع المسلح، يبدو ان اغلب سكان مملكه اسرائيل هم من الاراميين .وهذه العلاقه تبدو بشكل واضح جدا عندما يصف سفر التثنيه يعقوب بانه ارامي متجول 26|5 ولو نظرنا الى قصص علاقات الاباء الاوائل مع ابناء عمومتهم من الاراميين نجد ان هناك وعي واضح لوجود اصل مشترك . ان وصف النص التوراتي للعلاقه المتوتره بين يعقوب ولابان وقيامهما بتحديد الحدود المشتركه فيما بينهما للفصل بين مناطقهما يعكس تماما واقع الحدود ومناطق النفوذ بين ارام واسرائيل في فتره القرن التاسع والثامن ق.ع.ح.
وكذلك تنعكس العلاقه بين اسرائيل ويهودا مع جيرانهم الشرقيين في سير الاباء الاوائل ،فالعلاقه بين اسرائيل ومملكه امون ومؤاب طوال القرن الثامن والتاسع كانت غالبا عدوانيه وفي الحقيقه فأن اسرائيل سيطرت على مؤاب في بدايه القرن التاسع .ومن الطريف ملاحظه كيف تصف التوراه اصل هذا الشعب فتدمغه بألاثم وبانه مولود سفاحا للوط من بناته امعانا بتحقير هذا الشعب تكوين 83-30|19 وفي الحقيه يبدو الامر وكأنه نوع من الاعلام المضاد ،فبعد ان قضى يهوا على قوم لوط في سدوم وعموره والتجأ لوط وبناته الى كهف ولان بناته لم يجدن من يتزوجنه سقيا اباهما خمرا واضطجعتا معه وولدتا ولدين كانا اباء للمؤابيين والامونيين.ولم يكن اي مواطن في يهودا بقادر على منع نفسه من الابتسام لحقاره هذا المنشا .
وفي تكوين 25-27 تخبرنا قصه التؤام عيساو ويعقوب الذين كانا سيلدان لاسحاق وامهم ربيكا التي كانت هي الاخرى عاقرا ،واستجاب الرب لدعاء اسحق وحملت وقال لها يهوه في بطنك امتان ومن احشائك يفترق شعبان شعب يقوى على شعب وكبير يستعبد لصغير –تكوين 25—23 – وكما تذكر التوراه فأن عيساو هو الاكبر ويعقوب هو الاصغر ووصف هاذين الاخوين واللذان وفق التوراه اصبحا اباء لكل من ادوم –عيساو—واسرائيل –يعقوب – يؤدي الى تكريس وضع معاش في القرن السابع ق.ع.ح. ويشرعن الواقع السياسي المعاش بأعطاء الواقع صيغه نبؤه الهيه ،فبينما تكون اسرائيل هي ذات الحضاره المتقدمه ،تكون ادوم اقرب الى الحياه الرعويه البدائيه ،وذلك يبرر من وجهه نظر اسرائيل حقهم في استعباد واحتقار هذا الشعب .
ولكن المشكله هي ان أدوم لم تكن وحده سياسيه منفصله حتى فتره متاخره ووفقا للمصادر الاشوريه استطعنا ان نعرف انه لاوجود لملك او لدوله حتى الى فتره قبل القرن الثامن ق.ع.ح. ولا تظهر ادوم في السجلات الاشوريه ككيان سياسي منفصل الابعد الغزو الاشوري للمنطقه .ولم تبدا ادوم بالتحول الى منافس سياسي خطر لاسرائيل الا بعد بدايه ظهور قبائل التجاره العربيه ، والادله الاركيولوجيه واضحه جدا فأول موجه استيطان بدأت في عصر متاخر من القرن الثامن ق.ع.ح. ووصل الى قمته في اواسط القرن السابع وبدايه القرن السادس ق.ع.ح. ولم يكن هناك اي استيطان ملحوظ قبل هذه الفتره ،والحفريات التي اجريت في بوزاره عاصمه ايدوم اثبتت ان هذه المدينه لم تزدهر الا في نهايه العصر الحديدي الثاني وخلال العصر الاشوري . وهذا يبعد بمئات السنين عما تسجله التوراه .لذا فأن من ألواضح هنا ان قصه يعقوب الهاديء المتحضر يقابله عيساو الصياد المتوحش بأخلاقه الفضه هي تكريس لواقع معاش من خلال ربطه باسطوره تكتسب شرعيه الهيه وكأن ماموجود من واقع على الارض هو تقدير من صانع حكيم ، وأن الحساسيات والمنافسه بين هاذين الشعبين ماهي الا امتداد لصراع بين اخوين .
وكان للتجاره القادمه من جنوب جزيره العرب في اثناء القرن الثامن والسبع ق.ع.ح. ماره بالحدود الجنوبيه ليهودا وذاهبه الى البحر الابيض المتوسط ،بما تحمله من توابل وأقمشه دور كبير في انعاش الحركه الاقتصاديه للمنطقه وبالنسبه الى يهودا فأن وجود هؤلاء البدويين عامل حاسم في انعاش التجاره على المدى الطويل ،لذا فقد احتوت سير الاباء الاوائل على تفاصيل دقيقه لحياه هؤلاء البدو و استخدم نفس الميتافور العائلي لربطهم بابراهيم عن طريق ابنه اسماعيل من الجاريه هاجر ومن نسل اسماعيل ووفقا للقصص التوراتي خرجت اغلب القبائل العربيه التي كانت ترتبط بمصالح اقتصاديه وتجاريه مشتركه مع مملكه يهودا ولم يخلو وصف اسماعيل في القصص التوراتي من احتقار حيث وصف بانه يكون انسانا وحسيا يده على كل واحد ويد كل واحد عليه تكوين 16-12 .
ومن نسل اسماعيل الذين ذكروا في القصص التوراتي تكوين 25|12-15 ، كان قيدار الذي اصبح فيما بعد ابا للقادريين الذين ورد ذكرهم في السجلات الاشوريه خلال فتره حكم اشور بانيبال في القرن السابع ق.ع.ح. ولم يرد لهم اي ذكر قبل ذلك.
ومن اولاد اسماعيل كان ادبئيل ونبايوت والذين يمثلان القبائل العربيه التي كانت تقطن في غرب منطقه الهلال الخصيب وخيرا فأن تسميه احد ابناء اسماعيل تيما له علاقه بالواحه التي كانت تسمى تيماء شمال غرب جزيره العرب والتي ورد ذكرها في القرن الثامن والسادس في المصادر الاشوريه .
وحيث ان اي من هذه الاسماء المنسوبه الى اسماعيل لم يكن لها دور يذكر في حياه بني اسرائيل قبل الفتره الاشوريه يكون من الواضح ان هذه المقاطع التي ادمجت بشكل مهني محترف انما ادخلت الى سير بني اسرائيل في فتره بين اواخر القلان الثامن الى السادس ، حيث اصبح لهذه القبائل دور في حياتهم فكان لابد من تعريفها يشكل يسهل التعامل معهم على انهم ابناء عك رغما عن التعريض الواضح بجدهم اسملعيل وذلك يعكس الرؤيه المتعاليه لابناء المدن للبدو او القرويين المحيطين بهم ولانزال نرى حتى يومنا هذا هذا النوع من التعامل .
وقد دلت الابحاث الاريكولوجيه ان يهودا والتي هي النقطه المحوريه والمكزيه في اغلب روايات لقصص التوراتي لم تكن الا مملكه معزوله يقطنها عدد محدود من السكان حتى القرن الثامن ق.ع.ح. ولم يكن مقارنتها بالثراء والقوم التي كانت عليها مملكه اسرائيل الى الشمال منها الى الشمال منها ولم تكن عاصمتها القدس – سالم – تكوين 14:18 الا قريه بسيطه . ولكن سقوط دوله اسرائيل على يد الدوله الاشوريه حوالي 720 ق.ع.ح. ادى الى تنامي دور يهودا وبدأ عدد المهاجرين اليها يزداد مماادى بنظر كهنتها الى اعتبار ان ليهودا دورا مرموقا مقدرا من قبل الرب وبدا كهنتها باستقدام جميع الاساطير والقصص المحليه وجعلوها جزأ من تاريخ موحد لغرض تجميع كلمه الاسرائيلين واظهارهم بمظهر الامه الواحده التي انقذها الاله من جميع ماافترض انه اثام دوله اسرائيل .
واسهمت قصص مايدعى الاباء الاوائل باعطاء صوره لاستمراريه ما قبل تاريخيه لفتره تاريخيه حاليه ،واعطت رغبه مملكه يهودا بضم كل اراضي مملكه اسرائيل السابقه بعدا شرعيا يسهل لمملكه يهودا ضم تلك الاراضي لها .وكان لعبقريه اولئك الذين كتبوا هذه القصص واستطاعوا حياكه قصص ابراهيم والاباء الاوائل الدور الكبير بجعل هذه القصص والاساطير تبدو وكأنها جزأ من التاريخ الوطني لهذه الشعوب وجعلها وكأنها سلاله لشخص واحد وفي الحقيقه ان ماجمع هذه الشعوب ليست قوه الحقيقه بل قوه الاسطوره .

النص الاصلي
waked بقلم

No comments:

Post a Comment