Tuesday, January 18, 2011

قلة أدب

قلة أدب

بقلم : شيزوفرانيا

ما دفعني لكتابة هذا الموضوع هو موقف الزميل الأمين حين تجاوز الزميل الله حدود الأدب واللياقة في رأيه، وتعدى على إلهه بالسب والقذف الذي يعاقب عليه القانون في حق البشر فما بالك في حق خالقهم، وبرغم أنني لا أميل للسب وإهانة المقدسات كموقف شخصي، إلا أنني أذهلتني تلك الازدواجية في المعايير التي يتحلى بها الكثير من المسلمين، إنهم يسبون كل من خالفهم، ويسمونه بأقذع السمات، ولا يفعلون ذلك بشكل فردي لا يؤخذ على دينهم، بل يسبون في قرآنهم الذي يسمونه مقدس، ويؤمنون على وصف مخالفيهم بالضالين والمغضوب عليهم يوميًا، ولا أعرف ألا يستحون، على الأقل عليهم أن يخرجوا الغابة من أعينهم قبل الحديث عن القذى في أعين الناس، وسنتجول في هذا الموضوع قليلاً لنرى نماذج من أدب إله المسلمين ونبيهم وأصحابه المرضي عنهم.

أولاً القرآن:

تعريف الكافر في لسان العرب هو (الجاحد لأنعم اللَّه تعالى سُمِّي بهِ لأنهُ يستر نعم اللَّه ج كُفَّار وكَفَرة وكِفَار وكافرون. قيل إن الكافر اسم لمن لا إيمان لهُ. فإن أظهر الإيمان فهو المنافق. وإن أظهر كفرهُ بعد الإيمان فهو المرتدُّ. وإن قال بالشِّرك في الألوهيَّة فهو المُشرِك. وإن تديَّن ببعض الأديان والكتب المنسوخة فهو الكتابيُّ. وإن ذهب إلى قدم الدهر وإسناد الحوادث إليهِ فهو الدّهريُّ. وإن كان لا يثبت البارئَ فهو المعطّل. وإن كان مع اعترافهِ بنبوة النبيّ يبطن عقائِد هي كفر بالاتفاق فهو الزنديق).
والكافر هي الصيغة المحببة لإله المسلمين يطلقها على كل من شكك فيه أو لم يصدق به أو أشرك معه، وهي تنطوي على اتهام بمعرفة الحق والحود عنه، لأن كفر تعني غطى أو ستر، وكأن الكافر ستر الحقيقة عن عقله وهو بداخله يعلم، فأصبح كل من يعارضه مكابر ويعرف الحق لكن له مصلحة في إخفاءه، أي أنه يسب كل هذه الفئات، بل ويتعدى السب إلى توعدهم بالتنكيل والإذلال والإيذاء الجسدي وإلحاق أضرار جسيمة بهم إن لم يطيعوه بشكل أعمى، وهناك بعض الكفار الاستثناء، فقد نزل إله المسلمين من علياءه لتبادل السباب والردح معهم لخاطر نبيه، وسأورد بعض النماذج:

1- النموذج الأشهر هو سب القرآن وهجاءه لعبد العزى عم محمد وزوجه أم جميل، فدعا عليه بالهلاك (تبًا أي هلاكًا) وهدده بالحرق وبوضع حبل من شوك في عنق امرأته، كما عيرها بأنها كانت تحتطب، كأي امرأتين تعاير كل واحدة منهما الأخرى بالشارع.

2- أما هذا النموذج فهو مثال للأخلاق الكريمة التي يتحلى بها ذلك الإله، لقد قرر سب الوليد بن المغيرة غضبة لنبيه، فقال فيه في سورة القلم:

ولا تطع كل حلافٍ مهين * هماز مشاء بنميم * مناع للخير معتد أثيم * عتل بعد ذلك زنيم

وبدون تعليق مني هذه معاني الكلمات:

حلاف: كثير الحلف في الحق والباطل
مهين: حقير
هماز: عياب طعان
مشاء بنميم: يمشي بين الناس بالنميمة ليفسد ذات البين
مناع للخير: بخيل أو لأنه كان يمنع أهله عن الإسلام
معتد: ظلوم يتعدى الحق ويجاوزه
أثيم: مبالغ في الإثم
عتل: ذم في الخلق والخلقة، وهو العنيف الغليظ أيضًا، وفاحش الخلق، ولئيم النفس
زنيم: ولد الزنا الملحق بقومه وهو ليس منهم

3- وصف مخالفيه بالأنعام في ثلاث مواضع، في سورة الأعراف آية 179 وسورة الفرقان آية 44 وسورة محمد آية 12 ، يعني كالبهائم.

4- وصف اليهود بأنهم كالحمار الذي يحمل أسفارًا في سورة الجمعة آية 5 لأنهم لا يعملون بالتوراة في رأيه.

5- كرر شتيمة (القردة والخنازير) ثلاث مرات، مرة في سورة البقرة 65 ومرة في المائدة 60 ومرة في الأعراف 166 ، وكان يسب اليهود

6- وصف اليهود بالمغضوب عليهم والمسيحيين بالضالين في سورة الفاتحة.

7- ثم يهدد الوليد بن المغيرة مرة أخرى بالتنكيل على طريقة النازيين في سورة المدثر من أول آية 11 حتى آية 20

8- دائمًا ما يصف مخالفيه بأوصاف فيها إهانة وتحقير، فيسميهم المجرمين والمنافقين والفاسقين والأخسرين أعمالا وعشرات التسميات التي تنطوي على التحقير والإهانة.

طبعًا هذا غيض من فيض الأدب الإلهي، ومن أراد الاستزادة عليه بمرجع الأخلاق الحميدة واحترام البشر المسمى بالقرآن.

ثانيًا الأدب المحمدي والصحابي:

1- عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان عندها فسلم علينا رجل ونحن في البيت فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فزعا وقمت في أثره فإذا بدحية الكلبي فقال هذا جبريل أمرني أن أذهب إلى بني قريظة وقال قد وضعتم السلاح لكنا لم نضع طلبنا المشركين حتى بلغنا حمراء الأسد وذلك حين رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الخندق فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فزعا وقال لأصحابه عزمت عليكم أن لا تصلوا صلاة العصر حتى تأتوا بني قريظة فغربت الشمس قبل أن يأتوهم فقالت طائفة من المسلمين إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يرد أن تدعوا الصلاة فصلوا وقالت طائفة والله إنا لفي عزيمة رسول الله صلى الله عليه وسلم وما علينا من إثم فصلت طائفة إيمانا واحتسابا وتركت طائفة إيمانا واحتسابا ولم يعنف رسول الله صلى الله عليه وسلم واحدا من الفريقين وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فمر بمجالس بينه وبين بني قريظة فقال هل مر بكم أحد فقالوا مر علينا دحية الكلبي على بغلة شهباء تحته قطيفة ديباج فقال ذلك جبريل أرسل إلى بني قريظة ليزلزلهم ويقذف في قلوبهم الرعب فحاصرهم النبي صلى الله عليه وسلم وأمر أصحابه أن يستروه بالجحف حتى يسمع كلامهم فناداهم يا إخوة القردة والخنازير فقالوا يا أبا القاسم لم تكن فحاشا فحاصرهم حتى نزلوا على حكم سعد بن معاذ وكانوا حلفاءه فحكم فيهم أن تقتل مقاتلتهم وتسبى ذراريهم ونساؤهم
الراوي: عائشة  -  خلاصة الدرجة: له طرق جيدة  -  المحدث: ابن كثير  -  المصدر: البداية والنهاية  -  الصفحة أو الرقم: 4/119

طبعًا هو هنا اقتدى بربه، فلا لوم عليه

2- لما أتى ماعز بن مالك النبي صلى الله عليه وسلم قال له : ( لعلك قبلت ، أو غمزت ، أو نظرت ) . قال : لا يا رسول الله ، قال : ( أنكتها ) . لا يكني ، قال : فعند ذلك أمر برجمه .
الراوي: عبدالله بن عباس  -  خلاصة الدرجة: صحيح  -  المحدث: البخاري  -  المصدر: الجامع الصحيح  -  الصفحة أو الرقم: 6824

حتى الراوي يذكر أنه لم يكني، ولم أعهد هذه الكلمة تتداول في أشعار العرب، مما يدل على قبحها.

3- عن عجرد بن مدرع التميمي أنه نازع رجلا عند أبي بن كعب فقال يا آل تميم فقال أبي أعضك الله بأير أبيك فقالوا ما عهدناك يا أبا المنذر فحاشا فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا من اعتزى بعزاء الجاهلية أن نعضه ولا نكني
الراوي: أبي بن كعب  -  خلاصة الدرجة: المحفوظ حديث الحسن عن غني وعجرد لم أسمع به إلا من هذا الوجه  -  المحدث: ابن عساكر  -  المصدر: تاريخ دمشق  -  الصفحة أو الرقم: 46/61

ونعم الأخلاق، وأوامر الرسول واجبة طبعًا

4- سمع ابن مسعود رجلا ينشد ضالة في المسجد ، فغضب وسبه ، فقال له رجل  كنت فحاشا يا ابن مسعود . قال : إنا كنا نؤمر بذلك .
الراوي: عبدالله بن مسعود  -  خلاصة الدرجة: إسناده جيد  -  المحدث: الألباني  -  المصدر: صحيح ابن خزيمة  -  الصفحة أو الرقم: 1303

5- فخرج حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس بين يديه ثم قال : يا محمد أجمعت أو شاب الناس ثم جئت إلى بيضتك لتفضها ؟ إلى قومك لتجتاحهم - إنها قريش خرجت معها العوذ المطافيل - يقصد النساء والأطفال - قد لبسوا جلود النمور ، يعاهدون الله لا تدخلها عليهم أبدا ، وايم الله ، لكأني بهؤلاء قد انكشفوا عنك غدا ! ! وكان أبو بكر خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمع ، فلما وصل في حديثه إلى التعريض بالمسلمين قال له هازئا امصص بظر اللات ! أنحن ننكشف عنه ؟ ! . فقال عروة : من هذا يا محمدا ؟ قال : هذا ابن أبي قحافة ! فرد عروة على أبي بكر يقول : أما والله لولا يد كانت لك عندي لكافأتك بها ، ولكن هذه بهذه . وعاود عروة حديثه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وجعل يتناول لحيته وهو يكلمه - كأنه ينبهه إلى خطورة ما سيقع بقومه – إلا أن المغيرة بن شعبة كان يقرع يده كلما فعل ذلك وهو يقول اكفف يدك عن وجه رسول الله قبل أ لا تصل إليك ، فقال عروة له . ويحك ماأفظك وأغلظك ! ! ثم سأل النبي : من هذا يا محمدا ؟ . فأجاب الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يبتسم : هذا ابن أخيك المغيرة بن شعبة ! ! فقال عروة للمغيرة : أي غدر ، هل غسلت سوءتك إلا بالأمس ! ! وقد رد النبي عليه الصلاة والسلام على عروة بما يقطع اللجاجة وينفي الشبهة : إنه لا يبغي حربا ، وإنما يريد أن يزور البيت كما يزوره غيره فلا يلقى صادا ولا رادا . ورجع عروة يموه بإجلال الصحابة لرسول الله ، ويقول إني والله ما رأيت ملكا في قومه قط مثل محمد في أصحابه ، لقد رأيت قوما لا يسلمونه لشيء أبدا ، فروا رأيكم .
الراوي: -  -  خلاصة الدرجة: رواه البخاري بنحوه  -  المحدث: الألباني  -  المصدر: فقه السيرة  -  الصفحة أو الرقم: 327

ونعم الصديق، فالمرؤ على دين خليله.

هذا بخلاف ما هو أسوأ من السب واللعن، إنه القتل، ولكن هذا حديث أخر، ولا أدري بأي وجه يطلب المسلمون من الآخرين احترام مقدساتهم وهم لا يحترمون أحدًا!! احترموا أنفسكم يا سادة ليحترمكم الناس،يا سادة إن إلهكم ليس بأعز علينا من أنفسنا، احترمونا تلقون منا ما يسركم، ولو شئتم غير هذا فلكم مثله.

والسلام والمحبة على من هم سواكم



No comments:

Post a Comment